فاطمة الشيخ

قصة ليست من الخيال، ولا فيلم سينمائي ولا تاريخ يُروى؛ بل هي واقع شهدنا بعض فصوله، رغم أن بعضنا كنا صغارا ولم ندرك سنين الوجع والفراق والضياع قبل 20 عاما، والذي انتهى بلطف الله وتحقق وعده (فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) «سورة القصص/13».

وكل من يملك إنسانية وضميرا أبكته قصة عودة «هؤلاء الفتية». صحيح أن الخاطفة أحسنت لهم من حيث تربيتهم، بحسب ما عبروا عنه؛ ومن الطبيعي أن تنتج هذه العلاقة بينهم وبين من ربتهم. فهي فطرة سليمة في جميع المخلوقات؛ ولكن هذا لا ينفي بشاعة الجريمة؛ حتى لا يكون مبررا لآخرين لتكرارها بذريعة التربية الحسنة!

هذه الحادثة الإنسانية التي هزت وجداننا كمجتمع سعودي، يجب أن نتعلم منها. فهي لا تتم إلا بعد أن يدرس الخاطف المكان جيدا ويكون عنده تخطيط مسبق قبل أي جريمة هذا من جهة، ومن جهة أخرى ضعف التدابير الوقائية المتخذة حول خطف الأطفال من المستشفيات في تلك الفترة الزمنية.

لذا، أوجه لذوي الاختصاص سواء كان في «وزارة الصحة» أو غيرها بتعزيز التدابير اللازمة «لحماية الأطفال المواليد من الخطف» لمنع تكرار ما حدث؛ خاصة وأن الأم قد تكون متعبة بعد الولادة. فهي ليست قضية «موسى ومحمد» وانتهى؛ بل خطر يهددنا، وقد يتكرر بعد سنين من نسيان هذه الحادثة. اختطاف ثلاثة أطفال والتخطيط للرابع، كل ثلاث سنين؛ أمر يجب أن يؤخذ بالحسبان.

ولله الحمد حفت العناية الإلهية بهؤلاء الفتية وقرت عيون أمهاتهم بعودتهم، ولا ننسى بأن هناك «أب فارق الحياة حزنا» على ابنه؛ وهناك من ينتظر أمل اللقاء. وما يحدث الآن بعد كل تلك السنين ما هو إلا رسالة لكل أُسرة ما زالت تبحث عن أطفالها بأن (لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ) «سورة الزمر 53».

• تدابير خاصة:

عملت بأحد المستشفيات الخاصة في قسم الحضانة، وكانت أكثر الأمور يُشدد عليها هي (فقدان الأطفال). ومن خلال آلية معينة يعلن عن (cod pink) وهي شفرة لها نظامها الخاص. بالإضافة إلى نظام الحماية الخاص بأقسام الولادة والأطفال، وتمييز الطاقم الصحي العامل في تلك الأقسام (الممرضات والأطباء) بزي مختلف تماما عن غيرهم).

أما فيما يختص بنا كممرضات في الحضانة، فتقع على عاتقنا مسئوليات أكبر، ومنها:

1- يمنع منعا باتا إخراج الطفل من قسم الحضانة قبل التأكد بأنه في عربته الصحيحة، والتوقيع على ذلك، وعدم إعطاء الطفل لأمه قبل مطابقة الأسوارة الموجودة لدى الأم والطفل وتوقيعها عند استلامه.

2- يمنع منعا باتا حمل الطفل ونقله بين أقسام المستشفى في غير عربته المخصصة والتي بها بياناته كاملة.

3- تثقيف الأمهات بعد الولادة، حول عدم تسليم الطفل لأي شخص سوى الممرضة المسئولة عنه.

4- عند مغادرة الأم للمستشفى، إما أن تجلس على الكرسي وتحمل طفلها وترافقها الممرضة، أو أن توصل الممرضة الطفل في عربته المخصصة ومرافقة الأم لتسليمها الطفل بعد صعودها السيارة.

5- عدم تجاهل أي تصرف مريب، أو أسئلة مريبة وغريبة عن المخارج والمداخل من قبل الزائرين، ومن يحملون الأكياس الكبيرة، فالطفل الرضيع يسهل خطفه.

نموذج يستحق الشكر:

والشكر بعد الله أيضا لموظف الأحوال المدنية الذي «أمسك بطرف الخيط»، ولا أعرف اسمه حقيقة، ولكن هذا يكشف عن فطنته وأمانته في عمله وعدم تجاهل ارتيابه في هذا الأمر، وحقيقةً يستحق التكريم، ليكون نموذجا وقدوة لغيره من الموظفين في أي قطاع كان. فقد جعله الله سببا قرت به عيون الأمهات «لذا لا تتهاون أبدا في عملك مهما كان بسيطا، وأداء الأمانة وتحمل المسئولية.. لعلك تكون المنقذ».

والشكر لله ثم للجهات المختصة على ما تبذله في تعزيز أمن المجتمع في وطننا الغالي.

alshaikhfatimah@gmail.com