محمد العصيمي

من ضمن الأوامر الملكية الأخيرة تحويل هيئة الاستثمارات العامة إلى وزارة وتعيين معالي المهندس خالد الفالح وزيرا لها، فلماذا أنشئت هذه الوزارة لأول مرة في تاريخ المملكة.؟ الحقيقة هي أن الاستثمار هو ثالث ثلاثة، مع النفط والسياحة، في تشكيل ثروتنا الوطنية وتنويع دخلنا الوطني، الذي تُستغل موارده وإمكانياته الآن باحترافية عالية. ولكي يأخذ هذا المجال، أي مجال الاستثمار، بعده الحقيقي لدولة مثل المملكة كان لا بد أن تُنقل أعماله وصلاحياته إلى وزارة يديرها وزير محترف يتمتع برؤية وعلاقات دولية واسعة لكي نصل إلى الهدف الذي نسعى إليه. هذا الهدف، كما أتصور، هو أن تكون المملكة وجهة استثمارية دولية جاذبة للاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر وتوظيفه لخدمة تنميتها الوطنية المستدامة.

وهنا لا بد أن نفرق بين نوعي الاستثمار المباشر وغير المباشر، فالاستثمار الأجنبي المباشر هو أن ينشئ المستثمر، على سبيل المثال، مصنعا أو عقارا أو فرعا لشركته الإنتاجية أو الخدمية في البلد الذي يستثمر فيه، بينما الاستثمار الأجنبي غير المباشر هو الاستثمار عن بعد في الأدوات المالية مثل الأسهم والسندات وما إلى ذلك. وباختصار فإن الاستثمار الأجنبي المباشر يقترن بانتقال عناصر العمل والإدارة الأجنبية إلى البلد المضيف للاستثمار، والاستثمار غير المباشر يقتصر عادة على انتقال عنصر رأس المال فقط.

أنا شخصيا، وهذا عائد لمعالي الوزير وأركان الوزارة الجديدة، أرى أننا الآن بأمس الحاجة للتركيز على الاستثمار الأجنبي المباشر الذي ينقل نوع العمل والإدارة والخبرة البشرية المتقدمة إلى قطاعاتنا التنموية. وإذا سألتموني أي القطاعات أجدر بهذا الاستثمار فإنني سأجيب بلا تردد بأنه قطاع الصناعة التحويلية الذي يضمن فعلا الاستدامة، ويحقق قيما مضافة إلى اقتصاد البلد، ويستوعب الآلاف من طالبي الوظائف من الجنسين.

لقد وُضع الاستثمار أخيرا على الطريق الواسعة الحقيقية. ومن يسمع الأخبار ويتابع التحليلات الاقتصادية مؤخرا يعرف أن المملكة أصبحت هدفا وملاذا للمستثمرين في المنطقة؛ نظرا لإمكانياتها وما أحدثته من تقدم كبير على مستوى الأنظمة والقوانين التجارية والاستثمارية. بقي أن يجد هؤلاء المستثمرون من يخاطبهم ويفاوضهم باحتراف، وهذا ما أنا مطمئن إليه الآن.

ma_alosaimi@