خالد الشنيبر

منذ سنوات طويلة وهناك فجوة واضحة ما بين وزارة العمل والقطاع الخاص، وما زال هناك خلل في إيصال رسالة وزارة العمل لأصحاب الأعمال في المملكة، وواقعيا نجد أن أغلب برامج وزارة العمل تأخذ وقتا طويلا في تطبيقها بالشكل المأمول وذلك يرجع لأسباب عديدة من أهمها اختلاف ثقافة الموارد البشرية لدى أصحاب الأعمال، وبسبب ندرة وجود كفاءات مختصة بالموارد البشرية وملمة في برامج الوزارة التي يتم تطبيقها على سوق العمل، وبالإضافة لذلك أرى أن مبدأ التحفيز كان غائبا لسنوات عديدة مما تسبب في تعميق الفجوة بين الطرفين.

في خطوة إيجابية أعلنت وزارة العمل عن إطلاق جائزة العمل لتحفيز منشآت القطاع الخاص على تقديم أفضل الفرص الوظيفية لأبناء وبنات الوطن والاهتمام في تطوير وتحسين بيئة العمل الداخلية لدى المنشآت، وتهدف تلك المبادرة إلى تشجيع القطاع الخاص لرفع نسب التوطين، وتبني نماذج عمل مبتكرة جاذبة للكوادر الوطنية بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030، وما يُسعدني في تلك المبادرة أن وزارة العمل بدأت بإدراك أهمية بناء أذرعة في تخصص الموارد البشرية في القطاع الخاص مما سينتج من ذلك توطيد للشراكة الإستراتيجية بين الوزارة ومنشآت القطاع الخاص.

إطلاق مثل تلك المبادرات سيزيد من تنافس المنشآت على الاهتمام بتطوير أقسام الموارد البشرية والسياسات الداخلية لها مما سيكون له انعكاس إيجابي كبير على سوق العمل بشكل عام، فأحد أقسام الجائزة التي تم الإعلان عنها يستهدف تعزيز وتطوير بيئة العمل لمنشآت القطاع الخاص مما يعزز بُعد «الفخر» والمتعلق في مدى شعور الموظفين بالفخر بمنشآتهم، فبيئة العمل لها تأثير قوي في ارتفاع معدلات الدوران الوظيفي، وثقافة المنشأة هي الأساس في استقرار موظفيها وزيادة ولائهم من خلال خلق بيئة عمل داخلية مميزة، وهناك مقترحات عديدة تساهم في ذلك من أهمها تقدير وتحفيز الموظف، والعمل على توفير الخدمات الاجتماعية للموظف وأفراد عائلته ببرامج قليلة التكلفة، والحرص على وجود سياسات داخلية واضحة، والتواصل الفعال بدون أي عوائق خصوصا في إيصال المقترحات التي قد تساهم في نقلة نوعية داخل المنشأة.

الموارد البشرية ثقافة تأخرنا «كسوق عمل» في إعطائها أهمية للمشاركة في قرارات الأعمال، وكثير من أصحاب الأعمال مازال ينظر لقسم الموارد البشرية على أنه قسم غير ربحي ودوره القيام بعمليات روتينية للموظفين، وهذه النظرة خاطئة؛ لأن نجاح وتطور أي منشأة يعتمد على قوة قسم الموارد البشرية فيها وابتكاره للسياسات الداخلية وتطبيقها داخل المنشأة، ويعتبر القلب النابض للمنشأة ويلعب دورا رئيسيا في زيادة الأرباح وتخفيض التكاليف، ويلعب القسم دورا رئيسيا في تطوير بيئة العمل الداخلية مما يجعل المنشأة جاذبة لاستقطاب الكفاءات المحلية.

ما أتمناه في الفترة القادمة هو أن تقوم وزارة العمل بتخصيص جائزة يتم من خلالها تحديد قائمة بأفضل السعوديين في تخصصاتهم بشكل سنوي، وتنقسم حسب التخصصات التي يحتاجها السوق مع التركيز على المهن الحرجة، فمن خلال ذلك سيتم تسليط الضوء بعدة وسائل منها الإعلامية على إبداعات سعودية افتقدت للدعم بالرغم من تميزها، وسنخلق روحا للمنافسة الشريفة بين المميزين في تخصصاتهم مما سيؤدي ذلك لتسابق أصحاب الأعمال على توظيفهم باعتبارهم محترفين وقادة في تخصصاتهم.

ختاما: من لا يشكر الناس لا يشكر الله، وبمثل تلك المبادرات لا يسعنا إلا أن نتقدم بالشكر لوزارة العمل، وبإذن الله ننتظر مبادرات إضافية تحفيزية ومشابهة لتلك المبادرة وتتركز في تكريم المبدعين من أبناء الوطن في تخصصاتهم.

@Khaled_Bn_Moh