صفاء قرة محمد ـ بيروت

لا يمكن عند الحديث عن جرائم تنظيم «حزب الله» الإرهابي، الفصل بين اعتداءات وعمليات كافة أذرع الحرس الثوري في المنطقة، كون هذه الميليشيات تشكل منظومة متكاملة تعمل وفق قواعد محددة بأدوار معدة سلفا من جانب قيادة الحرس وفيلق القدس، الذي كان يتزعمه قاسم سليماني قبل أن تتم تصفيته.

ورغم هذه المنظومة يحتل «حزب الله» مركزاً متقدماً يجعل منه مسؤولاً مباشراً عن جرائم الحرس الثوري كافة، بسبب انتشاره في معظم دول منطقة الشرق الأوسط، إن كان للقيام بالعمليات العسكرية أو لتقديم خبراته المستمرة منذ أكثر من أربعة عقود لعناصر الحرس وأذرعه في دول كسوريا والعراق واليمن.

وبعيداً عن لبنان حيث تفادى «حزب الله» المغامرة بأي عملية مباشرة خلال السنوات العشر الأخيرة؛ بسبب دقة المرحلة التي يمر بها الشرق الأوسط، فهو كان مسؤولاً مباشراً عن عشرات عمليات القتل المباشر والاعتداءات والاعتقالات والبدء بالتغيير الديموغرافي في سوريا، بدءا من عمليات قنص المتظاهرين في درعا وحلب ودمشق، وصولا إلى المجازر المرتكبة من الحزب في مدينة حلب خلال وبعد الحصار الذي تعرضت له في العام 2016.

وبالانتقال إلى العراق، فإن العشرات من تنظيم «حزب الله» تعاونوا وبحسب معلومات دقيقة استخباراتية وصحافية قاموا بتنظيم صفوف «حزب الله» العراقي وميليشيات الحشد الشعبي، مما سهل الاعتداءات على المدنيين في العديد من مناطق بغداد والموصل وغيرها بحجة محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي.

أما في اليمن، فقد تورط «حزب الله» وبشكل مباشر في عمليات نقل الصواريخ الباليستية وتجميعها في الداخل اليمني، وهو ما شكل تهديداً مباشراً لحركة الملاحة في دول الخليج، بالإضافة إلى اعتداء هذه الميليشيات الداعمة والمنظمة لميليشيات الحوثي على ناقلات النفط الغربية والمنشآت النفطية السعودية والإماراتية، مما شكل تهديدا صريحا لأمن التجارة العالمية في منطقة الخليج وتهديدا لكسر الخطوط الحمراء لأمن دول الخليج.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن مركز حزب الله اللبناني المميز ضمن منظومة الحرس الثوري الإيراني، سمح له بأن يكون العشرات من عناصره مسؤولين بشكل مباشر عن جرائم غسيل الأموال، التي تغذي المنظومة الإجرامية بأكملها، بالإضافة إلى تنظيم شبكة عالمية تنوعت نشاطاتها بين التجارة بالمخدرات والمواد المخدرة والبضائع غير الشرعية.

إلا أن جريمة «حزب الله» الأكبر تبقى بأنه ارتهن الدولة اللبنانية والشعب اللبناني لصالح مشروع تصدير الثورة الإيراني، الذي وضع الدولة اللبنانية في حالة انهيار اقتصادي ومجتمعي، بالإضافة إلى معاناة اللبنانيين والفقر الذي دق أبوابهم، بالإضافة إلى شبه توقف لأي مساعدات خارجية واستثمارات مدنية وعسكرية، خوفا من وصولها في النهاية إلى «حزب الله» أو تكون أداة مساندة لوجوده على الأرض، مما يؤمن له استمرارية الانتشار والسيطرة في لبنان والمنطقة.