ترجمة: إسلام فرج

قادة النظام وثورة 1979 يعانون الشيخوخة.. وسلطتهم لن تدوم إلى الأبد

أكدت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن الحركة العمالية هي العامل الذي يفتقد انتباه المحللين والمراقبين عند الحديث عن التغيير السياسي في إيران.

وبحسب مقال لـ«ديفيد اجناشيوس»، عندما يتعلق الأمر بالتغيير الأساسي في المجتمع، يظل العمال الصناعيون المنظمون قوة أساسية، وهذا صحيح تمامًا في إيران، كما هو الحال في الدول الحديثة الأخرى.

ومضى الكاتب يقول: «قد تبدو الحركة العمالية الإيرانية موضوعًا بعيدًا عندما يهيمن على الأخبار وإجراءات عزل الرئيس دونالد ترامب وبداية الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ناهيك عن خطر وباء عالمي بسبب فيروس كورونا».

وتابع: لكن لا تزال إيران هي قمرة القيادة للأحداث المزعزعة للاستقرار في العالم، وقد يكون الاحتجاج العمالي عاملًا لا يمكن التنبؤ به.

» النظام في شيخوخة

وأردف اجناشيوس: «إيران تتحرك ببطء وبشكل خاطئ نحو نقطة انعطاف محتملة، وأصبح قادة النظام وثورة 1979 يعانون الشيخوخة. ويعمل رجال الدين الحاكمون في الداخل والخارج من خلال الحرس الثوري».

ومضى يقول:«الحرس الثوري الإيراني اليوم هو طليعة دولة بوليسية تحكم بالخوف. بالنظر إلى مهارة الحرس في قمع المعارضة، فقد يستمر الركود السياسي في إيران لعقد آخر. لكن من الصعب تخيّل أن مثل هذا النظام سيدوم إلى الأبد في مثل هذه الدولة المعقدة»، متسائلًا: «إذن كيف يمكن أن تتغيّر إيران؟».

وتابع: «غالبًا ما يتم تجاهل الحركة العمالية الإيرانية في التقييمات التي تخص وضع هذا البلد. لكن الاحتجاجات العمالية صاخبة وذات قاعدة عريضة ويصعب قمعها لمدة عقدين. في الواقع، قد يكون العمال الغاضبون أكثر القوى التي يخافها نظام رجال الدين».

وأضاف: «شهدت إيران إضرابات متقطعة من قِبَل سائقي الحافلات وسائقي الشاحنات وعمال مصافي التكرير وغيرهم الكثير. كما تم سجن وتعذيب القادة العماليين، لكنهم استمروا في العودة. ومن المؤكد أن الشكاوى التي تغذي هذه الاحتجاجات من الطبقة العاملة قد تفاقمت مؤخرًا بسبب العقوبات الاقتصادية الأمريكية، لكن الإضرابات في إيران سبقت إدارة ترامب لفترة طويلة».

وأشار إلى أن الإضرابات تعكس الغضب الشعبي من الفساد الداخلي، وعدم المساواة وسوء الإدارة، وليس مجرد استجابة للضغوط الخارجية.

ونوّه إلى أن تليفزيون «بي بي سي» بالفارسية التقط أهمية هذه المسألة عندما أبرز قلق النظام من الإضرابات العمالية، في قصة إخبارية نُشرت في ديسمبر الماضي.

ونقلت عن الرئيس السابق محمد خاتمي، قوله: «إذا انضمت الطبقة الوسطى والطبقة العليا إلى المتظاهرين من الطبقة العاملة، فلا يمكن لأي قدر من القوة العسكرية الأمنية أن يفعل أي شيء».

وقال خاتمي، وفقًا للترجمة التي أجراها علي رضا نادر، المحلل المتخصص في الشأن الإيراني في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: «إن النظام حينها سيكون في مواجهة الشعب».

وبحسب الكاتب، فقد جاءت تعليقات خاتمي في أعقاب احتجاجات مثيرة في جميع أنحاء البلاد في نوفمبر، بعد أن زاد النظام أسعار البنزين.

» مواجهات دموية

وتابع: «كانت المواجهة الأكثر دموية في مهشهر، في جنوب غرب إيران. خرج المتظاهرون هناك، بمن في ذلك عمال البتروكيماويات، إلى الشوارع، ورد النظام بوحشية، بنيران الأسلحة الآلية والدبابات».

وأردف: «نقلت صحيفة إيران واير، وهي منظمة إخبارية مستقلة تراقب إيران، عن مسؤول إقليمي قوله: إن 148 متظاهرًا قتلوا خلال 5 أيام».

وقال بهنام بن طاليبو، المحلل لدى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: «يخشى النظام العمل المنظم؛ لأنه يعلم جيدًا أن الإضرابات النفطية كانت ضرورية لإسقاط الشاه في عامي 1978 و1979».

وأوضحت مريم ميمارساديغي، التي تتابع النقابات العمالية الإيرانية، وشاركت في تأسيس مجموعة من المجتمع المدني تدعى تافانا، خلال مقابلة أن هناك «تآزرًا بين الإضرابات العمالية والاحتجاجات في الشوارع».

وبحسب الكاتب، أنتجت الحركة العمالية الإيرانية بعض الزعماء الشجعان على مدار العقدين الماضيين، بمن فيهم منصور أوسانلو، الذي سجن في عام 2005 بعد أن شكّل اتحادًا لسائقي الحافلات قام بالاحتجاج عبر رفض تقاضي ثمن تذاكر الركاب، ومحمد حسين سبهري، منظم نقابة المعلمين الذي قاد الاحتجاجات لأكثر من عقد، على الرغم من الاعتقالات المتكررة.

وحذر الكاتب من تسميم الحركة العمالية الإيرانية عبر تقديم دعم أمريكي قوي لها، مفضلًا أن يكون الدعم من خلال النقابات العمالية على مستوى العالم. ودلل على ذلك بما حدث في بولندا عندما دعم نشطاء النقابات في جميع أنحاء العالم الحركة التي ساعدت في النهاية على إخراج الشيوعية عن مسارها في أوروبا الشرقية. وتابع: «من شأن حشد دولي مماثل للعمال الإيرانيين أن يستحضر الشعار الخالد: تضامن».

واختتم بقوله: «يقود العمال الغاضبون التغيير السياسي في إيران والصين وحتى في أمريكا دونالد ترامب. عندما ترى موجة من الإضرابات تنتشر في جميع أنحاء إيران، على الرغم من القمع الوحشي، ستعرف أن إيران قد تدخل أخيرًا حقبة جديدة».