حسام أبو العلا - القاهرة

مستشار رئيس البرلمان الليبي فتحى المريمي:

أدان المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس النواب الليبي فتحى المريمي، استمرار الرئيس التركي في الدفع بمرتزقة للحرب ضد الجيش الوطني الليبي الذي يسعى لتحرير أراضيه من الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية المتطرفة، وقال: إن تصعيد أردوغان العسكري الأخير في طرابلس ينذر بعواقب وخيمة على المنطقة ويعقد الأزمة الليبية. وأكد المريمي في حديثه لـ«اليوم»، أن البرلمان الليبي مستعد لتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد إقصاء المتآمرين من المشهد السياسي الليبي، لافتا إلى أنه بعد تحرير طرابلس وعودة الأمن ستبدأ مرحلة سياسية تتمثل في حكومة جديدة ثم إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وثمن في ذات الوقت جهود المملكة في دعم خيار الليبيين في معركتهم للسيطرة على طرابلس وبقية المدن وتطهيرها من الإرهابيين، فإلى متن الحوار..

- وصلت سفينتان تحملان صواريخ وأنظمة دفاع جوي تركية إلى طرابلس، كيف ترى ذلك؟

- أردوغان بدأ فعليا في تنفيذ اتفاقه مع السراج بإرسال الأسلحة والصواريخ والمرتزقة عبر مطاري مصراتة ومعيتيقة وميناء طرابلس، وهو انتهاك واضح لتعهدات الرئيس التركي في اتفاق برلين بعدم التدخل العسكري في ليبيا ونسف لوقف إطلاق النار، وفجر هذا الموقف الغضب الأوروبي بدليل تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون التي وصف فيها أردوغان بأنه لا يحترم كلامه، ومن يتابع عن كثب القضية الليبية سيجد سجلا حافلا بالتجاوزات التركية وأدلة قاطعة على تورط أنقرة بإرسال مرتزقة للحرب ضد الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر؛ لمنعه من استعادة سيطرته على العاصمة، منها شريط فيديو يظهر عددا من هؤلاء المأجورين على متن طائرة مدنية في رحلة من تركيا إلى طرابلس، لذا لا بد أن يتحرك المجتمع الدولي للتصدي لهجمة أردوغان على ليبيا ومحاولته إطالة أمد الحرب لتدميرها عن طريق المرتزقة؛ لأن التدخل العسكري التركي في الشؤون الليبية يحمل دلالات مهمة وينذر بتداعيات خطيرة على أمن واستقرار المنطقة.

وأبلغ البرلمان الليبي دول العالم بجرائم أردوغان وإرساله مرتزقة لتقوية شوكة الإرهابيين؛ ما يشكل خطرا داهما على أمن واستقرار المنطقة وأوروبا، وهناك تقارير تؤكد أن تركيا أيضا تعتزم إرسال بعض هؤلاء الإرهابيين إلى دول أوروبية.

المستشار الليبي فتحى المريمي يجيب على أسئلة المحرر (اليوم)


- هل اقترب الحل السلمي بعد مؤتمر برلين ثم حوار جنيف؟

- لن تنجح أي مفاوضات سياسية سواء في برلين أو جنيف للوصول إلى الحل السلمي إلا بعد إقصاء ميليشيات أردوغان من المشهد السياسي الليبي ومن العاصمة طرابلس، التي تحتضن الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي يرعاها رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، متوهما أنها ستحميه للحفاظ على منصبه غير الشرعي، إذ أن هذه الحكومة باطلة دستوريا؛ لعدم موافقة البرلمان عليها، أما عن نتائج مؤتمر برلين فلم تدخل حيز التنفيذ ومرهونة بقرارات مجلس الأمن، إضافة إلى ضرورة حل الميليشيات ونزع أسلحتها، والحال ذاته لحوار جنيف الذي سيناقش دور اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) التي اتفقت الأطراف الدولية بالعاصمة الألمانية على تشكيلها للإشراف على الترتيبات الأمنية في طرابلس، وتشكيل مجلس رئاسي يتوقع أن يضم 13 عضوا من مجلس النواب ومثلهم من مجلس الاستشاري و14 مشاركا آخر يختارهم المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، وبرأيي أن كافة هذه البنود لن يتم التفاوض عليها إلا بعد خروج آلاف المرتزقة السوريين الذين زج بهم الرئيس التركي في طرابلس.

- وماذا عن تصريحات المبعوث الأممي الأخيرة في مجلس الأمن؟

- مبعوث الأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة قال في طلب إحاطته إلى مجلس الأمن الدولي حول تطورات الموقف في ليبيا: إن الهدنة التي أعلنت في طرابلس صارت «حبرا على الورق»، وتجاهل من السبب في انتهاكها، وللأسف الشديد يضع سلامة الجيش الوطني الليبي في كفة متساوية مع الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية والمتطرفة، ومن المؤسف أنه ذكر وقائع تتعلق بقتل الأطفال وخرق القانون وتردي الوضع الأمني ووجود إعدام وقتل خارج القانون، ولم يذكر أن المرتزقة الذين يدفع بهم أردوغان هم من ارتكبوا هذه الجرائم، وكان يجب على المبعوث الأممي أن يذكر اسم تركيا صراحة عندما تحدث عن الأطراف التي وصفها بالمخربة داخل وخارج ليبيا، كما أن حديثه عن المسار السياسي في جنيف يجب ألا يتضمن أي ذكر للشخصيات التي تورطت في الفوضى وقتل الأبرياء.

- هل المسار السياسي سيؤثر على موقف الجيش الليبي؟

- لا يمكن أن نطلق على هذه اللقاءات سواء في برلين أو جنيف ومن قبلها موسكو «مسارا سياسيا»؛ لأنها ما زالت نقاشات وحوارات لم تسفر عن نتائج ملموسة يشعر منها المواطن الليبي بتفاؤل في إمكان التوصل لحلول ناجزة لأزمته، وفي الوقت ذاته تتمركز القوات المسلحة الليبية في مواقعها وتواصل معركتها لتطهير العاصمة طرابلس من المرتزقة والإرهابيين، كما أن جيشنا مستعد بقوة لاستعادة دولة المؤسسات والقانون التي يريدها الشعب وإبعاد المتآمرين الذي يسعون للخراب وتمزيق البلاد، والجيش حاليا يسيطر على 90% من الأراضي الليبية، ويبعد 10 كم عن قلب العاصمة طرابلس، بينما الميليشيات في تقهقر بعدما منيت بخسائر فادحة بعد استعادة سرت والاقتراب من السيطرة على مصراتة ثم العاصمة، فكما قلنا الجيش يواصل خطواته الناجحة لاستعادة السيطرة على كامل التراب الليبي، وعبر أبناء الشعب عن سعادتهم الغامرة باستعادة سيطرته على «سرت»، وسوف ينتصر جيشنا؛ لأن جنودنا أصحاب عقيدة وهي الدفاع عن أرضهم ووطنهم، بينما المعتدون هم شتات من الميليشيات المسلحة ومرتزقة الجماعات الإرهابية والمتطرفة، وجميع الليبيين وأبناء الوطن العربي من الشرفاء والغيورين على أمن واستقرار بلادنا وحفظ سيادة وكرامة العرب، ينتظرون بلهفة تطهير كافة أراضي بلادنا من دنس هؤلاء الإرهابيين.

وعناصر الميليشيات المدعومين من حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج والرئيس التركي أردوغان لن يصمدوا أمام الضربات القوية للجيش الليبي، ومن الأفضل لهم تسليم أنفسهم من دون مقاومة لأنهم سيخسرون المعركة بعد إصرار القوات المسلحة على تجفيف منابع الإرهاب، وما يحدث على الصعيد الميداني يؤكد أن أبناءنا لن يفرطوا في ذرة تراب واحدة من أراضيهم ولن يغمض لأي منهم جفن قبل إقصاء هؤلاء الإرهابيين من المشهد تماما، نحن عانينا سنوات من المؤامرات والمخططات الهدامة التي سعت لتمزيق بلادنا، لذا فإننا عازمون على توحيد صفوفنا واستعادة استقرارنا ونبذ كافة الخلافات والاصطفاف خلف جيشنا؛ من أجل عودة ليبيا الآمنة المستقرة، ونجد أن هناك إرادة سياسية من كافة الليبيين ولا رجعة عنها باستكمال تحرير طرابلس وكافة المدن الليبية الواقعة تحت سيطرة الميليشيات.

ونرحب بحقن الدماء، لكن هناك فرقا كبيرا بين من يريد هدنة أو وقف إطلاق النار لترتيب صفوفه ثم إشعال حرب أكثر شراسة وهم عناصر الجماعات الإرهابية، وبين جيش وطني يحافظ على أرواح أبناء شعبه ويرفض استهداف المدنيين، لذا فإن معركته في طرابلس محسوبة جيدا ولها تقديرات متعددة.

ليبيون يحملون صورة أردوغان أمام مدرعة تركية صادرها الجيش في طرابلس (رويترز)


- ما دور البرلمان الليبي في تغيير نظرة المجتمع الدولي؟

- يبذل مجلس النواب الليبي بقيادة المستشار عقيلة صالح جهودا واسعة في هذا الشأن، إذ التقى رئيس المجلس من خلال جولاته المتعددة بالخارج بمسؤولي عدد من الدول وشرح لهم ضرورة تغيير النظرة المغلوطة والتي تساوي بين جيش وطني يدافع عن أرضه وميليشيات مسلحة ومرتزقة، كما أن هذه الجماعات الإرهابية ليست طرفا شرعيا ولا يمكن قبولها في أي مفاوضات؛ لأنها معتدية على أمن وسيادة ليبيا والسبيل الوحيد للتعامل معها هو مواجهتها بالسلاح وطردها من كافة الأراضي الليبية.

والمؤسسات الشرعية في بلادنا هي الجيش الوطني ومجلس النواب المنتخب بإرادة الليبيين والحكومة المؤقتة في الشرق برئاسة عبدالله الثني، بينما «الوفاق» المتمركزة في العاصمة طرابلس بقيادة فايز السراج ليست شرعية، ولم يؤد أعضاؤها اليمين الدستورية أمام البرلمان، كما يدعم مجلس النواب الحل السياسي شريطة إقصاء أي عنصر شارك في جلب الإرهابيين، فقد حدد أعضاء المجلس برئاسة المستشار عقيلة صالح في جلسة مناقشة دعوة المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة للمشاركة في «حوار جنيف»، ثلاثة شروط أبرزها وجود آلية واضحة للتفاهمات وأن يكون المشاركون جميعهم مقيمين داخل البلاد وليس بدول معادية خاصة تركيا وقطر، وأن يكون المشاركون من حملة الجنسية الليبية لا المزدوجة مثل أعضاء ما يسمى بـ«مجلس الدولة».

- هل مجلس النواب مستعد لتشكيل حكومة وحدة وطنية بديلة للوفاق؟

- بدون شك المجلس على استعداد كامل لتشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن استمرار الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية في المشهد الليبي سيعرقل أي تحركات في هذا الشأن، وعودة الاستقرار في ليبيا تأتي عن طريق القضاء على الإرهابيين والميليشيات المسلحة، ومن هذا المنطلق ستتوحد المؤسسات وتشكل لجنة للدستور، وتستقر الأمور وتصبح في يد البرلمان، والرئيس الذي سينتخبه الشعب، وفي حالة تحرير الجيش الوطني لطرابلس يمكن القول إن ليبيا تحررت، وسوف يعقب تحرير طرابلس واستعادة السيطرة كاملة على حدود الدولة الليبية وعودة الأمن والاستقرار، مرحلة سياسية تتمثل في حكومة وحدة وطنية من الأقاليم الثلاثة، طرابلس وبرقة وفزان، ثم إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية.

والشعب الليبي يحتاج إلى استعادة الهدوء بعد أعوام من العنف والدم والقتل تورط فيها عدد من الخونة، في مقدمتهم فايز السراج الذي رحب بوجود قوات أجنبية على الأراضي الليبية، ما يعني أنه باع الوطن في سبيل خدمة مصلحته الشخصية وسوف ينال عقابه بعد العار الذي لحقه به، لن نقبل إلا بالشخصيات الوطنية في ليبيا الجديدة.

- ما دور القبائل الليبية في الأزمة الراهنة؟

- تلعب دورا إيجابيا وأعلنت مساندتها للجيش الوطني الليبي، وفتحت مراكز تطوع لأبنائها لمساندة القوات المسلحة في التصدي للتدخل التركي، وقطع أقدام عناصر الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية، كما ساندت مجلس النواب بصفته الكيان الشرعي المنتخب بإرادة الليبيين، وطالبت بأن يمثل الدولة في كافة المحافل والجهات الدولية.

- وما تأثير وقف تصدير النفط على المواطن الليبي؟

- المواطن الليبي يشعر بغصة كبيرة؛ لأن خيرات بلاده تذهب لجيوب الأتراك، إذ ينفق فايز السراج أموال الشعب الليبي في شراء الأسلحة من أنقرة؛ لمواجهة الجيش الوطني، لذا كان لا بد من وقفة مهمة من شعبنا للتصدي لهذه الكارثة ومنع نهب خيراتهم التي يستفيد منها مرتزقة أردوغان.

- كيف ترى دور المملكة في دعم القضية الليبية وخيارات شعبكم؟

- المملكة من الدول ذات الثقل الكبير في المنطقة وداعمة بقوة لخطوات الجيش الوطني الليبي في تحرير كافة المناطق من سطوة الميليشيات المسلحة، وقد التقي المشير خليفة حفتر والمستشار عقيلة صالح في أكثر من مناسبة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وبصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد؛ من أجل التنسيق والتشاور وتبادل وجهات النظر بشأن الأزمة الليبية، ودوما كانت المواقف السعودية داعمة لخيارات الشعب الليبي في السيطرة على أراضيه وتحريرها من الإرهابيين.

ونشيد برفض المملكة وإدانتها للتصعيد التركي الأخير في الشأن الليبي، وتندديها بموافقة البرلمان التركي على إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، ثم رفضها التدخلات الخارجية في الشأن الليبي بنقل متطرفين إلى ليبيا وانتهاك قرارات مجلس الأمن، وظهر ذلك في كلمة المملكة خلال المناقشة المفتوحة لمجلس الأمن حول الوضع في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية التي ألقاها مندوب المملكة الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله بن يحيى المعلمي.

- وماذا عن الموقف العربي؟

- نعول كثيرا على المملكة ومصر في حل قضيتنا، إذ تربطنا بمصر علاقات إستراتيجية وحوار ومصالح مشتركة، وهي من الدول الداعمة بقوة للجيش الليبي في معركته للسيطرة على طرابلس وبقية المدن الليبية، وأكدت القاهرة في أكثر من موقف حرصها على أمن واستقرار ليبيا كان آخرها مؤتمر برلين، كما نشيد بموقف عدد من الدول العربية الرافضة للتدخل الأجنبي في الأزمة الليبية.