خالد الشنيبر

بالرغم من نفي وزارة العمل عن التوجه لإلغاء نظام الكفالة للأجانب في المملكة، إلا أن المؤشرات الحالية أقرب للتوجه لتطبيقه وذلك لعدة اعتبارات، من أهمها المرونة في التغييرات العديدة التي تمت في الفترة القريبة السابقة فيما يتعلق بإجراءات نقل الكفالة أو مغادرة العامل الوافد لبلاده، بالإضافة لإلغاء العمل على قرار مجلس الوزراء رقم «826» في عام 1395هـ والمعدل بقرار رقم 759 في عام 1397هـ والذي يختص في قواعد تنظيم حركة انتقال الأيدي العاملة، وحسب قراءتي للمتغيرات في سوق العمل فلا أعتقد أن تطبيق هذا التوجه «بشكل كامل» سيكون خلال فترة قريبة، وسنحتاج لعدة سنوات بعد تطبيقه حتى يتكيف القطاع الخاص معه.

بالرجوع لأنظمة العمل في الدول العربية نجد أنها تتطابق بشكل كبير في أغلب موادها، وأغلب الأنظمة مستنسخة من دليل عربي استرشادي تم الاتفاق على مضمونه، وكوجهة نظر شخصية أرى أن أنظمة العمل في الدول العربية كافة تحتاج لمراجعة حتى تتطابق مع المتغيرات الاقتصادية والتي تختلف من دولة لأخرى، فتركيبة سوق العمل في المملكة وتوجهاتها المستقبلية تختلف عن غيرها من الدول العربية الأخرى، ولا أعتقد أننا بحاجة للالتزام بما يتم تطبيقه لديهم بسبب الفوارق الشاسعة بين توجهاتنا وتوجهاتهم.

عقود العمل هي علاقة منفعة بين طرفين رئيسين «صاحب العمل والعامل»، ويُبرم عقد العمل لمدة معينة أو لإنجاز عمل معين، وهناك عدة ضوابط تطبيقها سيكون أفضل لسوق العمل السعودي خلال الفترة القادمة، ومن أهمها قصر العلاقة بين صاحب العمل والعامل على عقد العمل «فقط» دون الحاجة لربط العلاقة بينهما على «كفيل ومكفول»، فعقد العمل من خلاله يتم تحديد الحقوق والواجبات بين الطرفين وهذا هو الأساس في علاقة العمل.

ومن جانب آخر لا أتفق مع وجود عقد عمل «غير محدد المدة» أو عقد «يتحول بعد فترة معينة من محدد المدة لغير محدد المدة»، وذلك يرجع لعدة عوامل تتعلق في الأثر الاقتصادي من التوجهات لحماية العامل من فقدان الوظيفة أو حماية صاحب العمل، ومن جهة الإتجار بالبشر وفقا لطبيعة العلاقة التي ستنشأ من ذلك، فالبعض ينظر لهذا الاتفاق بأنه «علاقة أبدية» وحماية لأحد الأطراف على غيره، ولو كان هذا الاعتقاد صحيا لتم تطبيقه على العلاقة العمالية بين صاحب العمل والعامل غير السعودي.

إلغاء نظام الكفيل له سلبيات وإيجابيات اختلف المختصون الاقتصاديون عليها، وأنا أرى إيجابيات هذا التوجه أكثر من سلبياته خاصة للحد فيما يتعلق بحالات «التستر التجاري» والعمالة السائبة، بالإضافة لنوعية الأيدي العاملة الوافدة التي سيتم استقدامها، ومن جانب آخر تطبيق هذا التوجه سيميل تأثيره إيجابيا لتفضيل توظيف العمالة المحلية بشكل أكبر وسيشمل لك تصحيحا لمعدلات الأجور في المملكة، وحتى ننجح في هذا التوجه من المهم أن يكون تطبيق ذلك تدريجيا على مجموعة من المهن قبل غيرها مع مراعاة عدم الاستعجال والبدء في تطبيق هذا التوجه على «المهن الدنيا» أو ما تسمى بوظائف «الياقات الزرقاء» الأقل تصنيفا، بالإضافة للحاجة لوجود فترة تصحيح أوضاع مؤقتة وذلك لعدة اعتبارات لا يكفي مقال واحد لشرحها.

ختاماً: من يعتقد أن تطبيق هذا التوجه ستكون له سلبيات على أصحاب الأعمال فيما يخص المنافسة وحماية أسرار العمل، فبكل بساطة تطبيق المادة الثالثة والثمانين من نظام العمل بالشكل الصحيح سيكون هو «الحماية» من ذلك حسب الأنظمة المتبعة في المملكة.

@Khaled_Bn_Moh