آمنة خزعل - الدمام

مقترح بدمج المختصين الأسريين بمكاتب الصلح لتقليص الحالات

تفشت ظاهرة الطلاق في المملكة، خلال السنوات الأخيرة، بشكل واضح، الأمر الذي دعا عددا من الاستشاريين الأسريين، والمختصين الاجتماعيين، لتحليلها، داعين الزوجين للاحتكام إلى العقلاء من ذوي الاختصاص، سواء من الأهل أو من الاختصاصيين والاستشاريين، كل في مجاله، للمساعدة في معالجة النزاعات العائلية.

وأشارت الإحصاءات إلى بلوغ عدد صكوك الطلاق في شهر ربيع الأول الماضي 4797 صكا، وتراوح عدد الصكوك الصادرة يوميا في جميع مناطق المملكة بين 143 و320 صكا، فيما بلغ عدد عقود النكاح في شهر ربيع الأول من العام الجاري، ما يزيد على 11 ألف عقد، بزيادة قدرها 20% من عقود النكاح الصادرة في الشهر نفسه من العام الماضي. ووفقا للإحصاءات الرسمية مثلت صكوك الطلاق التي يكون طرفاها سعوديي الجنسية في شهر ربيع الأول 4318 صكا، مقابل 479 صك طلاق يكون الطرفان أو أحدهما غير سعودي.

أوضحت الاختصاصية النفسية رانيا أبو خديجة، أن الأسباب والعوامل المؤدية للطلاق عديدة، ولكن أهمها عدم النضج بين الزوجين واختلاف الطباع وعدم الانسجام الفكري والعاطفي بينهما، ورفع سقف التوقعات تجاه شريك الحياة، موضحة أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت من أكثر العوامل المؤدية للطلاق في وقتنا الحاضر. واستطردت: وللأسف فإن السوشيال ميديا رغم أهميتها إلا أن البعض ينسى تأثيرها السلبي المتمثل في ازدياد حالات الطلاق، بسبب غياب التواصل بين الزوجين وندرة الحديث وانعزال بعضهما عن بعض نفسيا وعاطفيا.

» الدورات التأهيلية

وعن فاعلية الدورات التأهيلية للمقبلين على الزواج، في تثقيفهم وتوعيتهم بالجوانب المختلفة للحياة الزوجية «الشرعية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية والصحية»، أكدت رانيا أن الأهم أن تكون هذه الدورات متخصصة تعتمد على التدريب على مهارات التعامل مع الطرف الآخر وإدارة الحوار وتنمية المهارات في الجوانب السابقة، مضيفة: الطلاق كلمة «مؤلمة» لأنها تمثل نهاية علاقة بين شخصين، وهي بداية تحول كبير غالبا سلبي في حياة أشخاص يمثلون ناتج علاقة هذين الشخصين «الأطفال».

» ظاهرة مجتمعية

وقالت الاختصاصية النفسية، إن الطلاق تحول لظاهرة في المجتمع السعودي، موضحة أن هناك عوامل نفسية واجتماعية تكون متعلقة بالزوج والزوجة، منها الرغبة في تعدد الزوجات مع عدم العدل، والفارق في السن بين الزوجين، والأوضاع الصحية، الجسمية، والنفسية التي تعيق الفرد عن دوره الأسري، والانحرافات السلوكية والانحطاطات الخلقية، وضعف الوازع الديني.

وأضافت: إن من هذه الأسباب ما يتعلّق بالزوجة ككراهيتها للرجل والنفور منه، وعدم القدرة على الإنجاب، وعجزها عن الوفاء بدورها كزوجة، كإهمالها لشؤون البيت، وعدم طاعتها واحترامها للزوج، والتحريض من صديقاتها أو قريباتها، وعدم تفعيل العواطف وممارستها على أرض الواقع، وعدم تكيّف الزوج، أو الزوجة مع الحياة الجديدة بعد الزواج، والغيرة المرضية التي تؤدي إلى إثارة الخلافات والمشاكل، ومن خلالها تنعدم الثقة بالطرف الآخر، وعدم الالتزام بالجانب الترويحي والترفيهي للأسرة، مما قد يصيبهم بالضيق، والتوتر، والقلق وأحيانا الاكتئاب واضطراب المزاج، وعدم النضوج العمري، واكتمال الخبرة للزوجين مما لا يساعد على تحمّل المسؤولية الزوجية.

» عواقب الانفصال

وأوضحت رانيا، أن الطلاق له العديد من العواقب السلبية، التي تؤدي إلى أعراض نفسية كالاكتئاب والقلق، بسبب زيادة الضغوط النفسية وشعور الشخص المطلق بالندم وبمرارة الفشل في الحياة الزوجية، ويقلل إحساسه بذاته ولا ننسى التجريح واللوم من المجتمع، بالإضافة الى الاضطرابات «النفس جسمية» كالقيء المتكرر وارتفاع ضغط الدم أو الصداع المزمن أو ظهور طفح جلدي وفقدان الشهية مع كسل شديد وعدم الاهتمام بأي شيء وفقدان الوزن بصورة ملحوظة، مؤكدة أهمية دور الأهل أو لجان إصلاح ذات البين، في إعانة الزوجين على مواجهة المشكلة حفاظا على استقرار البيت والأسرة، والأهم من ذلك أن يكون المصلح شخصا من المشهور عنه الحكمة في التعامل مع المشكلات، وأن يتميز بالصبر والتأني، وأن يكون كل همه الإصلاح.

وأشارت إلى أن استمرار الحياة الزوجية لسنوات لا يعني أنها وردية، فقد تتخللها منغصات، فهناك مَنْ يعيرها اهتمامه ويتعامل معها بسلام، وهناك مَنْ يتوقف في منتصف الطريق، وسبب التوقف في المنتصف هو الكتمان، مشيرة إلى أن التراكمات تحدث نتيجة انعدام النقاش والمصارحة بين الطرفين، واحترام وجهة نظر الآخر، فيدخلون في حالة من الطلاق العاطفي رغم الحياة تحت سقف واحد، قبل أن يقرر أحدهما أو كلاهما الانفصال.

» نظرة سوداوية

وأكدت الاختصاصية النفسية، أهمية وضع حد لمشكلة تزايد أعداد المطلقات، وتضافر الجهود للوقوف على الأسباب، ولإيجاد الحلول المناسبة، مشددة على أهمية توعية الأزواج باعتبارهم أصحاب المبادرة في وقوع الطلاق، بتفهم عميق لعملية التضحية، والتجرد من الأنا وإيثار مصلحة الأبناء.

وأضافت: أما مشكلة النظرة السوداوية التي يوجهها كثير من أفراد المجتمع لمن ابتليت بالطلاق، فهذا دور الدعاة والمصلحين في المجتمع، فمن الواجب عليهم رفع هذه النظرة وتغييرها؛ إذ إن كثيرا من حالات الطلاق ينفرد بها الرجل دون المرأة، والطلاق مصاب تجد المرأة نفسها فيه مرغمة.

ورأى الأخصائي الاجتماعي بدر آل حماد، أن الأبناء المتضرر الأول للطلاق الذي يكون عادة الحل بعد نفاد كل الحلول بين الزوجين، من حيث عدم الاستقرار الأسري والأمني، وافتقاد الشعور بالحب والحنان بين الأبوين، محذرا مما وصفه بـ«الكيس المدفون»، ويقصد به الترسبات والتراكمات التي تظل بين الزوجين بسبب خلافات ومشكلات لمدة سنوات، ما ينفد صبر أحدهما ويتخذ قرار طلاق بعد عشرة دامت أعواما، وتفكك العلاقة بين أهل الزوجين، من حيث صلة الرحم والتواصل.

وذكر أن من نتائج الطلاق الكراهية والبغضاء بين الأطفال والعائلات، مشيرا إلى أن المجتمع يعاني تفشي تلك الظاهرة من خلال نشوب المشاجرات وزيادة عدم الاستقرار ونمو الشعور بالحقد والكراهية والبغضاء بين أطرافه، خاصة إذا خرج الأمر عن نطاق الالتزام بتعاليم الإسلام في التعامل بين أفراده.

» العدو الصامت

وحذر الأخصائي الاجتماعي، من نظرة المجتمع المجحفة والظالمة بحق المرأة، وانتقادهم الدائم لتصرفاتها وسلوكياتها، كما حذر من نتائج الطلاق على الأبناء في لجوء بعضهم لمرافقة أصدقاء السوء للهروب من معاناتهم في المنزل.

ووصف الانفصال العاطفي بالعدو الصامت أو ما يسمى الطلاق العاطفي، وهو جفاف عاطفي ومعنوي ونفسي وجسدي، مشيرا إلى أنه من أخطر الأمور على صعيد الحياة الزوجية، حيث يكون الطرفان معا، ولكن كليهما يلمس غياب المشاعر بينهما وانفصالهما نفسيا، على الرغم من عيشهما تحت سقف بيت واحد، ما يؤثر على كافة العلاقات داخل الأسرة.

وبيَّن أن علامات الانفصال العاطفي عدم البوح بالمشاعر الداخلية، خصوصا السلبية التي تحتوي على عتاب ولوم وغضب، والتي تجمعت وتراكمت على مدى سنوات طويلة، يبدأ بعدم الاحترام للطرف الآخر ثم تطول الفترة وتتحول إلى الابتعاد والهرب من الطرف الآخر.

» الشريك المناسب

وذكر آل حماد الحلول والعلاجات الوقائية، التي تقي من الطلاق وهي اختيار شريك الحياة المناسب، فكثير لا يهتم إلا بشكل الشخص كرجل جميل أو امرأة جميلة وجذابة أو غنى الرجل أو المرأة، لذا يجب معرفة كيفية الاختيار الصحيح والتفكير المنطقي المكثف والتثقف حول معاملة الزوجين.

وأضاف: لا بد من حضور ندوات ودورات تخص الحياة الزوجية والاستفادة منها ومعرفة الحدود بينهما، ويجب على الأزواج معرفة وفهم أن الطرف الآخر ليس ملكا له، ويحق فرض السيطرة عليه بكل تفاصيل حياته الشخصية، حيث يبالغ بعض الأزواج بحصر زوجاتهم بحدود التحدث مع الآخرين والتعامل مع الناس عموما أو العكس.

» تجنب اللفظ

وأكد الأخصائي الاجتماعي، أهمية محاولة حل المشكلات الزوجية بالتفاهم وتجنب التعصب والابتعاد عن بعضهما لفترة مؤقتة تتيح لكل منهما فرصة في الهدوء اللازم قبل اتخاذ القرار الحاسم، وتجنب لفظ الطلاق في أبسط الأمور بين الزوجين حتى ولو على سبيل التهديد أو حتى المزاح، مؤكدا أهمية تحذير السيدات من الانسياق خلف مواقع التواصل الاجتماعي، وما تتضمنه من مظاهر تحرر، وإنفاق مبالغ فيها، وكذلك التأكيد على الرجال أن الزواج مسؤولية وليس مجرد وسيلة لإظهار الرجولة والتحكم.

كما أكد أهمية التفاهم بين الطرفين قبل الزواج، وتخصيص يوم أو يومين أسبوعيا لقضاء الوقت مع الأسرة، والمصارحة بين الزوجين حتى لا تتراكم المشكلات وتؤدي للانفصال.

.. و«الكيس المدفون» عدو صامت

التهرب من المسؤولية.. والخوف من الإنجاب

عزا المستشار الأسري والتربوي د. عبدالله العنزي، تفشي ظاهرة الطلاق في الآونة الأخيرة إلى عدم التوافق بين الزوجين في نواحٍ عدة، منها صلة القرابة والتعليم والثقافات والعادات ولون البشرة، وتدخلات الأهل والأصدقاء، وفارق العمر والحالة المادية والوظيفية، مشيرا إلى أسباب أخرى تتضمن المشكلات الصحية في أحد الزوجين أو العقم.

» الأجنبيات بديل

وأضاف العنزي: كما يتضح لنا من ناحية أخرى عزوف بعض السعوديين عن الزواج من السعوديات والارتباط بأجنبيات بسبب كثرة الطلاق وغلاء المهور والتكلف بالشروط، مستطردا: الأمر الذي يتطلب إجراء دراسة جادة للوضع وإيجاد الحلول المناسبة.

وتابع: وفي نظري أهم الحلول عقد دورات متخصصة في الحياة الزوجية والأسرية والمجتمعية وربط الحياة بالتعليم والمشاركة والمشورة.

» إجراءات مقترحة

واقترح العنزي أيضا دمج المختصين الأسريين بمكاتب الصلح بوزارة العدل ليتمكنوا من مساعدة القضاة في تقليص عدد حالات الطلاق وتقريب وجهات النظر، بالإضافة إلى توعية المجتمع بأهمية التيسير في متطلبات الزواج وغلاء المهور، مؤكدا أن التبسيط يعزز استقرار الزوجين وضمان استمرار حياتهما.

وأضاف: مع الأسف فإن الأطفال أكثر المتضررين من حدوث الطلاق بغير الإحسان فيما بين الزوجين، والضحية هم الأطفال من تشتت في الفكر والسلوك والانجراف وراء مشكلات بسلوكيات وصداقات سيئة وربما عدائية، وللأسف، وأكررها، فإن كثيرا من الأمهات أكثر من الآباء في تحريض الأطفال على والدهم أو العكس بحجة الانتقام وتوليد الكراهية للأطفال تجاه أحدهما، كما أن تضرر الأطفال يتحول إلى فراغهم العاطفي ما يؤدي إلى البحث عن بديل دون التفكر بالنتائج، فالغالبية تجد أطفالهم بالسجون بسبب المخدرات أو العداوة الذاتية أو الانتقام أو فقد الحب والأمان وغيرها، كما أن الآباء يستغنون عن أطفالهم بعد الطلاق وهذه هي جريمة الطلاق.
»رفض الزوجة الثانية
اتهم «أبو علي»، الذي يبلغ من العمر 46 عاما، والذي دام زواجه قبل الطلاق 17 عاما، زوجته بالتسبب في الطلاق، موضحا أنها لجأت لشكايته بالمحكمة بعد أن تزوج عليها للمرة الثانية.

وقال إن طليقته، كانت كثيرة الشكوى والادعاء عليه كذبا بما لم يرتكبه، مشيرا إلى أن من بين شكاواها أن مسكن الزوجة الجديدة أفضل وأنها تريد نفس السكن، كما رفعت دعوى أخرى بحجة أنه لا يعدل بين الزوجتين على الرغم من كونه في هذا التوقيت لم يدخل بالثانية، الأمر الذي تسبب في نهاية المطاف بقراره الطلاق.

» حرص أب

أوضح الأب عبدالله الحافظ، أنه حرص قبل بداية زواج ابنه، أن يجلس معه ويبين له أن الزواج مسؤولية كبيرة، وأن الرجل يجب أن يتحمل ويصبر، وأن الحياة الزوجية ليست لهوا دائما ولا كدرا مستمرا، كما أنه يجب أن يعرف أن هذه الزوجة إنسان لها مشاعر ولها خصائصها التي خلقها الله بها.

وقال إنه أهدى ابنه كتابا عن الحياة الزوجية وطالبه بقراءته وألحقه بدورات خاصة بالمقبلين على الزواج، مشددا على ضروة أن يقوم الآباء والأمهات بدورهم تجاه أبنائهم في التوعية والتنبيه.


تدخلات الأهل والحالة المادية وراء تفشي الظاهرة

غياب التواصل بين الأزواج

إحصائيات النكاح

والطلاق في المملكة

في الربع الأول من 1441هـ

المنطقة الشرقية

1483

إجمالي عقود النكاح في المنطقة الشرقية في ربيع الآخر 1441هـ

606

عدد صكوك الطلاق

701

عدد صكوك الطلاق في ربيع الأول

1344

عدد صكوك النكاح والطلاق في المملكة

خلال الربع الأول من 1441هـ

عقود النكاح في محرم

46.030

عدد عقود النكاح

19.377

عدد صكوك الطلاق

على التفصيل التالي

صكوك الطلاق

عقود النكاح

الشهر

محرم

صفر

ربيع

الأول

ربيع

الآخر

الإجمالي

12.301

11.363

11.651

10.715

46.030

5112

5192

4797

4276

19.377