كلمة اليوم

يعرف الأشقاء اللبنانيون جيدا مواقف المملكة بمن فيهم من وضع خياراته تحت عمامة وكيل الولي الفقيه، ويدركون أنها لم تمد يومًا إليهم يدها بشروط، عدا إنقاذهم من أنفسهم وخلافاتهم، والسعي لبناء بلادهم، منذ أن نجحت في إطفاء حريق الحرب الأهلية عبر اتفاق الطائف 1989م وإلى اليوم، ويعرفون لها أياديها الطولى والبيضاء في عز أزماتهم، ومبادراتها المتتالية، وتجاوزها لكل ما وقع عليها من الأذى من البعض، ولكن وحينما ارتضى بعض اللبنانيين الذين يقفون على رأس السلطة، ويمسكون بالقرار أن ينحازوا ببلادهم إلى معسكر الملالي، ليلحقوا بيروت بكل زخمها العروبي بفارسية طهران، إذعانا لإملاءات من يدعم ميليشيات تفجير السفارات، ومن فرط في استقلال لبنان وعروبته وسيادته، عبر عديد المواقف التي بدا واضحا أنها تصب في مصلحة طهران، كان ولا بد أن يتأثر الموقف السعودي بهذه المواقف المناوئة، والتي تنكرت للمواقف والمساعدات السعودية والتي تجاوزت الـ 70 مليار دولار خلال 25 عاما فقط، فضلا عن الموقف السياسي والذي ما فرق يوما بين طائفة وأخرى، حيث كانت مصلحة استقرار لبنان هي عنوانه الأسمى.

واليوم، وبعد تشكيل حكومة ما سمَّاه طيف واسع من اللبنانيين بحكومة اللون الواحد، بعد غليان الشارع اللبناني، والمظاهرات الممتدة لأشهر، يبدو أن ثمة تغيرا ما في مزاج ألسنة بعض الشخصيات المحسوبة على محور حزب الضاحية، والتي طالما بحت أصواتها في شتيمة المملكة، والغزل في «مقاومة وممانعة» طهران ولا تزال، لتسترد لسانها العروبي مؤقتا، مطالبة المملكة ودول الخليج بمساندة لبنان، وإنقاذه من أزمته الاقتصادية، فيما كان من المفروض أن تتجه هذه المطالبات إلى طهران وليس إلى الرياض، لكن لأنهم يعرفون قبل غيرهم أن إيران لا يمكن أن تدعم سوى أنصارها في الحزب الذي ينفذ أجندتها، فقد اتجهت المطالبات إلى الجهة الأصيلة، غير أن المضحك المبكي هي تلك الذريعة التي حاول أولئك أن يدسوا بها رؤوسهم عما اقترفوه بحق بلادهم وشعبهم، وحق من وقف معهم وفي مقدمتهم المملكة، ليروجوا لأرخص تبرير يمكن تسويقه وفق منطق أن حزب الله قد دخل حاليا في هدنة بعدم تعرضه للمملكة إعلاميا، وكأنهم يمنون على المملكة بسكوت ضجيج نصر الله وحزبه، وهو منطق من لا منطق له، منطق من ضيع البوصلة فصلى إلى طهران، فيما يريد أن يحج إلى مكة!!.

article@alyaum.com