كلمة اليوم

يبدو بوضوح أن اعتراف النظام الإيراني بإسقاط الطائرة الأوكرانية يجيء حفظا لماء الوجه، فقد أنكر كبار المسؤولين بالنظام فكرة إسقاط الطائرة ثم عادوا بعد فترة وجيزة للاعتراف الرسمي بإسقاط الطائرة دون طرح لأي سبب وراء الاعتراف غير التبجح بأن الإسقاط ربط بخطأ بشري غير مقصود وأنه جاء في غمرة الرد بصواريخ شنتها طهران على قواعد عسكرية ردا على مقتل قاسم سليماني، وقد جاء الاعتراف من جهة أخرى لثقة النظام بأن أصابع الاتهام ستوجه إليه عند نهاية التحقيق في هذه الكارثة الجوية الشنيعة لاسيما أن محاصرته بالمعلومات الاستخبارية من قبل الولايات المتحدة وكندا وأوكرانيا دفعته للاعتراف.

ومن واقع الصور الملتقطة للحادث فور وقوعه يتبين أن الاستهداف كان دقيقا ولم يطلق الصاروخ على الطائرة جزافا، وأن الاعتراف الإيراني بالإسقاط اقترن بمحاصرة استخبارية دفعت طهران للاعتراف بتلك الجريمة قبل أن يكتشف أمرها من قبل التحقيقات أو الصور الجوية أو تسجيلات الصندوق الأسود، وطرائق المماطلة والمراوغة التي يمارسها النظام حيال هذه الجريمة شبيهة بسائر الممارسات المعهودة التي يحاول من خلالها التملص من ارتكاب جرائمه التي يرتكبها بشكل مباشر أو من خلال عملائه المنتشرين في المنطقة.

وحادث الطائرة الأوكرانية شبيه إلى حد بعيد بتدبير هجوم لوكربي عام 1988م، فقد حاول النظام الإيراني التنصل من مسؤوليته المباشرة عن إسقاط طائرة الركاب الأمريكية التي قتل فيها 270 شخصا وسقطت بعد العدوان عليها بقرية لوكربي الاسكتلندية غير أن التحقيقات والمعلومات الاستخبارية أظهرت أن التخطيط لإسقاط طائرة لوكربي تقف وراءه إيران بأمر من آية الله الخميني المرشد الأعلى الإيراني ومؤسس نظام ولاية الفقيه وقتذاك، وقد اعترف النظام الإيراني علنا بإسقاطه الطائرة الأمريكية بعد محاولاته التنصل من الضلوع في ارتكابه تلك الجريمة.

ويتبين من التشابه بين الحادثتين أن النظام الإيراني مارس قرصنة جوية في الحالتين كممارسته لقرصنته البحرية بالاعتداء على السفن التجارية في عرض المياه الخليجية وكممارسته لقرصنته البرية عبر عملائه في اليمن والعراق وسوريا، وكما كشفت التحقيقات عن تورط النظام الإيراني في حادثة لوكربي الشنيعة، فإن التحقيقات والمعلومات الاستخبارية سوف تكشف عن تورط النظام في إسقاط الطائرة الأوكرانية عمدا رغم تبجحه بأن الحادث جاء عن طريق الخطأ، ورغم أن الصور التي التقطت أثناء الحادث غير منسجمة مع هذا الاعتذار الواهن.

article@alyaum.com