د. ريم الدوسري

مع نهاية عام 2019 أعلن وزير الثقافة صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود -حفظه الله- إطلاق أول برنامج ابتعاث ثقافي من نوعه في تاريخ المملكة للمراحل البكالوريوس، الماجستير والدكتوراه. سيقدم فرصاً تعليمية مميزة للطلبة السعوديين في أعرق الجامعات العالمية بتخصصات ثقافية وفنية كعلم الآثار والتصميم والمتاحف والموسيقى والمسرح وصناعة الأفلام، في إطار التطوير المتكامل الذي يشهده القطاع الثقافي في المملكة. سيبدأ فتح باب التسجيل في البرنامج في الـ 19 من يناير لعام 2020، وستخصص وزارة الثقافة منصة إلكترونية شاملة لإستقبال الطلبات.

يعد الابتعاث الثقافي الخطوة الأولى في المشوارلدعم وإبراز الثقافة والفنون في التعليم، وسيسهم في تطوير وإعداد الكفاءات الوطنية المتخصصة بمقاييس عالمية. ذلك سيساعد في تلبية الطلب المتزايد على المختصين وأصحاب الخبرات في السوق السعودي بعد ازدياد الأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية وانطلاق العديد من المشاريع السياحية التاريخية والأثار. كما أن مجتمعنا لديه إرث ثقافي وفني ضخم لابد أن يسلط الضوء عليه ويحفظ ويبرز للأجيال وهذا من شأنه ترك الأثرالعظيم في المشهد الثقافي الوطني خلال السنوات القليلة القادمة.

انجازات كثيرة قامت بها وزارة الثقافة العام الماض ففتحت الكثير من الملفات الراكدة لسنوات عديدة، إنعاش قلبي قامت به الوزارة للتخصصات الثقافية والفنية ففي السابق كانت البعثات الأكاديمية للخارج محصورة في المجالات العلمية والإنسانية بينما الفنون كانت مهمشة تماماً وتكاد تكون تابو بل كانت خارج اهتمام المؤسسة التعليمية. تفاؤل كبير ظهر بين أوساط المثقفين والفنانين السعوديين بالتطورات التي يشهدها القطاع من خلال تمكين المواهب الوطنية وتعزيز الثقافة لديها و تبادل الخبرات مع العالم أجمع.

المملكة تعيش العديد من التحولات الضخمة على جميع الأصعدة والمنبثقة من رؤية المملكة 2030، وسيضل التعليم وهو الاستثمار الأمثل في الإنسان وبناء قدراته فهو اللبنة الأساسية التي تعول عليها الوزارة والذي سينعكس بالايجاب على الحراك الثقافي في المملكة. ستغلق هذه البرامج الأكاديمية الفجوة من خلال الانفتاح على جميع الاصعدة الثقافية، برنامج الابتعاث الثقافي خطوة ستنشئ جيلا ثقافياً واعياً قادراًعلى التخطيط الفعال الذي يليق بمكانة الوطن وجعلها في مصاف الدول المتقدمة في مجالات الثقافة والفنون والتراث. الشباب السعودي موهوب ولديه حماس كبير يحتاج إلى توجيه ملكاته وصقلها بالدراسة الأكاديمية ليصلوا بنا للعالمية. لكن لكي تحقق وزارة الثقافة هذه الخطوة بنجاح لابد من التأكد من معايير أساسية في اختيار المبتعثين كالموهبة، وذلك لأن صقل الموهبة بالإعداد الدراسي سيخلق مخرجات مميزة وسيحقق الهدف المرنو من هذا الابتعاث.