أنيسة الشريف تكتب:

الجواب بلا شك أن نتحمل أمام الله- تعالى- مسؤولية الوطن، نتحمل أمانة عهد الاستخلاف فيه، نتحمل واجب الحفاظ والذود عن سيادته وأمنه واستقراره ووحدة أراضيه، ومن يخالف ذلك إنما هو مخالف ومنتهك للعهد في الوطن الواحد.

أنا مواطن، هذا هو الوقت الذي يجب أن نفخر به ونفاخر نحن جميعا وبأعلى صوت نردد «أنا مواطن»، وبكل إكبار واعتزاز، بغض النظر عن اختلاف تنوعنا العرقي والديني والمذهبي، كلها مسميات تذوب في فضاء المعنى الرحب الذي تحمله كلمة مواطن ووطن وهوية ومواطنة، وتذوب معها كل الخلافات والاختلافات في الحب العظيم الذي استوطن قلوبنا وتربع على عرشها، حب هذا الوطن الذي عاش ويعيش فينا، ومن أجله نقدم الأرواح، وفي سبيله يرخص كل غال ونفيس.

اليوم وكل يوم يجب تحقيق المواطنة الحقة، وإعلان كلمتها، والتعبير عن ذاتها عن ولائها وانتمائها، عن حبها وتعلقها الوجداني الصرف بوطنيتها وهويتها.

هذا الوقت وكل وقت يجب أن يرحب فيه بالموت من أجل الوطن أكثر من أي وقت مضى، فالحقد الخارجي يكشر عن أنيابه ويستعرض عضلاته ويترقب نقطة ضعف، وهيهات هيهات أن يحقق رغبته في هذه الأرض التي تنبض بالحب والولاء والفداء للوطن، والعمل من أجل إعلائه والمحافظة على كل ذرة من تراب أرضه الحبيبة.

نعم للتماسك في الأزمات ولا للتشتت. نعم للاجتماع، ولا للافتراق.

الحب للوطن يعني: العطاء دون توقف، مواطن في الداخل يجهد من أجل التقدم، ودارس في الخارج يلغب من أجل رسم لوحة جميلة بديعة للوطن بدينه ولغته، وحضارته وتراثه، وأصالته وتقدمه وتطوره.

لننظر لأنفسنا نظرة عز وشموخ، لأننا في وطن هو منطلق نور الإسلام، وهو الوطن الذي يوقر العلماء، ويقدر الرجال، ويدعم الشباب، ويصون النساء، ويرعى الأطفال، ويواسي جراح من لهم حق الجوار، وهو الصلد الذي يكسر قرون الفتن والأطماع.

فليكن حبنا له أقوالا صادقة، وأفعالا صالحة.

لننظر لأنفسنا نظرة فخر خاصة نحن النساء، لأننا في وطن صاننا وجعلنا جواهر في الأصداف وضمن لنا كل حقوقنا الشرعية، شكرا لوطن العلماء والمشايخ والحكماء والشباب الأقوياء، شكرا لوطن يحتضن ويواسي كل محتاج في كل بقاع الأرض بالإغاثة خاصة من لهم حق الجوار، فليظل هذا الوطن- بعون الله- غوثا وملاذا ما دامت الحياة.

وطن ليس بغريب عليه أن يتبوأ الصدارة في كل شأن، حزما وحسما، فليمت من في قلبه حقد.

وشعب ارتبط بقيادته وأجزل لهم الوفاء، وارتبط عاطفيا بأرضه ومجتمعه، وارتبط عمليا لبلده بمواطنته بحس وطنيته فحسن قلبه ونقى ضميره وارتقى بمسئولياته تكليفا شرعيا فتكفل بأمن بلده ومواطنيه، وارتقى تكيفا ومرونة ووطنية وانتماء لأرض وطنه ومن عليها، متفانيا في خدمتهم، وهذه هي محصلة الهدف، فلا وطنية مخلصة بدون مواطنة مخلصة.