عبدالرحمن المرشد

بدأ الاهتمام بالتعليم الجامعي لدينا منذ بداية تأسيس هذه الدولة على يد المغفور له «بإذن الله» الملك عبدالعزيز «طيب الله ثراه»، حيث انطلقت في تلك الفترة أولى البعثات التعليمية للدراسة في الخارج، والحصول على أعلى الدرجات العلمية، ومن ثم بدأ تأسيس الجامعات الحكومية لتتجاوز في وقتنا الحاضر أكثر من ثلاثين موزعة على كل مناطق المملكة ومحافظاتها خلاف الجامعات والكليات الأهلية المنتشرة في أرجاء المملكة، حيث وضع قادة هذه البلاد نصب أعينهم الاهتمام بالتعليم ونشره لعلمهم الأكيد أنه اللبنة الأولى لرقي المجتمعات وتطورها، ولذلك وجدنا عددا من الجامعات السعودية ضمن أفضل الجامعات في التصنيفات العالمية بما تحتويه من كادر مهني وتطور تقني ومبانٍ تفوق نظيراتها العالمية.

التركيز على إيجاد مصادر دخل للجامعات بدأ منذ فترة، حيث قامت البعض منها بتأسيس مبانٍ ضمن الحرم الجامعي وتأجيرها، وكذلك بناء فنادق للاستثمار يعود ريعها لهذه المؤسسة التعليمية تستفيد منها في تأمين مستلزماتها واحتياجاتها وتطوير إمكاناتها، وتخفف كذلك من العبء على الدولة في هذا الجانب، وكلنا يعلم أن الكثير من الجامعات العالمية لديها مواردها الخاصة، التي تساهم في دعم احتياجاتها.

إنشاء مبانٍ عقارية واستثمارها فكرة جميلة لزيادة موارد الجامعات ولدينا شواهد في بعض الجامعات المحلية مثل تأجير جامعة الملك سعود لمبانيها العقارية على بعض الجهات الحكومية، وتأجير ملعب الجامعة على نادي الهلال، وكذلك فعلت جامعة جازان، حيث أجرت أحد مبانيها لإحدى الشركات الفندقية وجامعة حائل سلكت نفس الطريق وغيرها، ولكن هل هذا ما تستطيع الجامعة استثماره فقط؟ أعتقد أن هذه المؤسسات التعليمية المرموقة لديها الكثير للاستفادة منه، فهي تحظى بالدرجة الأولى بثقة المجتمع والقطاعين الخاص والحكومي مما يمكنها من تقديم دراسات واستشارات وأبحاث علمية معمقة لمَنْ يطلبها من كل الجهات بما تملكه من كادر أكاديمي متمرس ومتخصص، أيضاً تستطيع تأجير المعامل أو عمل اختبارات لبعض العينات الغذائية أو الأدوية أو غيرها حسب طلب المستفيد، كذلك يمكنها تقديم الكثير من الدورات المتخصصة في كل الفنون والمعارف نظراً لتوافر الكادر والمعامل والمكان، علماً بأن الدورات إذا كانت تحت إشراف الجامعة، فهي تحظى بقبول من كل المتدربين خلاف ما تستطيع الجامعة استثماره من خلال المستشفى التابع لها، حيث تحقق مستشفيات الجامعات في بعض الدول مصدر دخل كبير من خلال تقديم الخدمة العلاجية لمَنْ يطلبها من الخارج، وجميع تلك المجالات ستوفر مداخيل كبيرة للجامعات تساهم في تنميتها وتطويرها، وتحمل جزءا من العبء عن كاهل الدولة.

مع نظام استقلالية الجامعات، الذي صدر مؤخراً أصبح لزاماً على كل مؤسسة تعليمية البحث عن أفضل الحلول الاستثمارية، التي تساهم في رفع الطاقة الاستيعابية وتحقيق النجاح والنمو لتصبح منارة إشعاع في بلادنا الغالية.