حسين الحمود

بروز بعض النشاط في وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية، يحثون المواطن على الادخار من مرتبه الشهري، أثار الريبة والشك لدى الكثير على هذه (المتلازمة) وسط تساؤل لماذا هذا الطرح المنظم في هذا التوقيت؟

دعوة أصدقائنا المغردين للادخار في الأسهم أو الصناديق الاستثمارية ما هي إلا (قسمة ضيزى)، الغالبية العظمى من الشعب لا يفقه (أ ب) المضاربة حتى يستطيع تمييز الأسهم المناسبة للاستثمارات قصيرة المدى والأخرى طويلة المدى.

لو نظرنا بموضوعية للادخار، لوجدنا مصداقية في المفهوم العام ولكن أن يكون الحديث عن الادخار من المرتب الشهري الذي بالكاد يغطي تكاليف الحياة للغالبية العظمى من الموظفين، فهذا إجحاف بحق الموظف الذي يعاني من الالتزامات الشهرية طويلة المدى، من قروض وبطاقات ائتمانية وديون شخصية لا يعلم بها إلا الله.

ما يزيد الطين بلة أن هؤلاء المغردين (وعلى ما يبدو) بأنهم من ذوي الدخل المرتفع ومستثمرون في قطاعات مختلفة، فلذلك لا يشعرون (بغبنة) الراتب الشهري المحدود، والذي إن (أكثر الله خيره) يقاوم لأسبوعين من كل شهر، بعدها تبدأ عملية الاستدانة من الأهل والأصدقاء لسد رمق العيش.

في مطلع الألفية الحديثة أسست البنوك محافظ تكافل اجتماعي، وافتتحت قنوات بيع مباشر لبرامج الادخار، ولكن للأسف أثبت الكثير من هذه المحافظ فشلها وابتعد الناس عن المشاركة فيها.

دعونا نتحدث عن الادخار كما كانت تفعله شركة أرامكو السعودية، فالشركة كانت تولي الموظف عناية فائقة حتى أن الموظف كان يشعر بالانتماء للشركة كشريك لا كموظف، فالإدارة المعنية تستثمر الادخار الشهري (الاختياري) المستقطع من راتب الموظف في مجالات محددة، تضمن حصوله على مكافأة تقاعد مجزية يستطيع من خلالها تقويم حياة ما بعد التقاعد، من خلال استثمارها في عمل حر أو بناء مسكن لأولاده.. إلخ من متطلبات الحياة الكريمة.

أحد الحلول التي أعتقد أنها ستكون كفيلة بالابتعاد عن (متلازمة الادخار الجديدة) والتي ستغنينا عن مشاكل الراتب ما يكفي، هي تفعيل شركات القطاع الخاص لصناديق استثمارية (اختيارية) يشارك بها الموظف المغلوب على أمره باقتطاع جزء يسير من راتبه، واستثماره في أحد الصناديق الخاصة بالشركة لتضمن له استقرارا ماليا على المديين المتوسط والبعيد، بشرط أن لا يسبب هذا الاقتطاع شرخا في احتياجاته اليومية.

والحل الآخر والأجدى نفعا، أن أختار السوق الذي أستطيع أن أبيع فيه بضاعتي، (التغريد) عن الادخار في سوق أكثره لا يملكون إلا راتبهم اليسير هو تجارة خاسرة لا ربح فيها.

@hkhamoud