كلمة اليوم

أغمض المجتمع الدولي أعينه عن التدخل الإيراني في العراق إثر سقوط بغداد في 2003م، لحسابات خاطئة، حوّلت العراق على مدى 16 عامًا إلى ساحة للفوضى والنزاع قبل أن يستفيق العراقيون إلى خطيئة التدخل الإيراني في شؤون بلادهم، ولكن بعدما دفعوا فاتورة إنسانية ومادية ضخمة، كان يمكن تفاديها لو تحمّلتْ القوى العظمى مسؤولياتها، وحالتْ بين طهران وتنفيذ أجندتها الاحتلالية، والأمر ذاته حدث أيضًا، وإن بسيناريو مختلف مع لبنان الذي لا يزال يئن تحت وطأة السلاح الإيراني الذي يهدد به حزب الضاحية كل من لا يقف في صفه، وستتجرّع سوريا نفس المصير بعدما سمح النظام لقوات سليماني بأن تحمي مقعده على كرسي السلطة، وهي إن كانت نتيجة حتمية لأي استعمار مهما كان شكله ولونه، إلا أنها مع أنظمة من وزن نظام طهران الذي تتقاسم فيه السلطة العمامة مع البزة العسكرية، وتتنازعه القوميات والمصالح الذاتية سيبقى أشد إيلامًا؛ لأنه استعمار منفلت لا يستقر مقامه إلا على الجثث، وعلى التخريب، وتهديم الجغرافيا، وتجريف النسيج الاجتماعي لإقامة بنيانه الطائفي أو المذهبي الذي يستخدمه كحصان طروادة للتسلل إلى المجتمعات التي يحكم قبضته عليها.

هذا الوضع قدّم فيما يبدو رسالة خاطئة لأنظمة أخرى في المنطقة، تحركتْ على إثرها شهوة الخلافة، وأحلام التاريخ، في أنقرة، ونفض السلطان الغبار عن عمامته منذ أن لاحتْ له الفرصة في اقتحام الأرض السورية التي تاهتْ هويتها ما بين أقدام الإيرانيين، وفصائل المذهبية العراقية، وحزب حسن نصرالله والقوات الأجنبية، والإرهابيين الدواعش، وحين لم يجد من يطالبه بالتوقف بشكل جاد، بدتْ تجربة طهران الاستعمارية تلوح في سماء أحلامه لينسج خيوطه مع بعض أطراف الأزمة الليبية، وصولًا إلى دعم طرف على حساب أطراف أخرى، وإرسال الذخائر والأسلحة، وحتى بعض القيادات العسكرية للمشاركة في الاقتتال، وإذكاء نار الفتنة أكثر فأكثر فيما هيأتْ له الانشقاقات في العالم الإسلامي الذي تمثل بعضها في مؤتمر كوالالمبور، وارتماء بعض الأطراف العربية في أحضان أنقرة، الفرصة السانحة للتدخل السافر في ليبيا، والحديث عن استصدار تشريع برلماني يتيح لها الدخول مباشرة على خطوط النار، فهل يستفيق المجتمع الدولي ليقطع الطريق على تكرار تجربة طهران في التهام عواصم العرب؟، وهل تعي تلك الأطراف العربية التي لا تزال تراهن على طهران وأنقرة أنها كمن يستودع كفه حضن أفعى؟.

article@alyaum.com