محمد حمد الصويغ

بحكم أن محافظة الأحساء اختيرت عاصمة للسياحة العربية لعام 2019، فقد احتضنت مؤخرا الدورة الخامسة والعشرين للمكتب التنفيذي للمجلس الوزاري العربي للسياحة، وكذلك احتضنت الدورة الثانية والعشرين للمجلس السياحي العربي، بحضور كافة الأعضاء والعديد من المنظمات والاتحادات ووسائل الإعلام العربية والأجنبية، وقد نوقشت في الدورتين سلسلة من الأفكار الإيجابية لتعزيز الجهود المشتركة، وتبادل الرؤى لتنفيذ كافة القرارات المتخذة من أجل تجاوز كافة التحديات التي تواجه السياحة العربية، والكيفيات التي تمكّن من تطويرها إلى الأفضل، ولا شك في أن واحة الأحساء محظوظة بعقد الدورتين؛ لاسيما أن اختيارها جاء نظير تواجد عدة مواقع أثرية وتاريخية فيها.

تلك المواقع تتمثل في وجود بيت البيعة، والقصور التاريخية فيها، ولعل أهمها قصر صاهود، وقصر إبراهيم، وسوق القيصرية الذي يُعد من الأسواق التاريخية الشهيرة، وأظن أن الواحة بدأت بالفعل تتحول إلى نقطة جذب سياحي من خلال إحياء العديد من العروض السياحية المختلفة، والاهتمام بعروض الحِرَف اليدوية والفنون الشعبية، والعروض المسرحية التاريخية، وعروض قوافل الإبل، وعروض الضوء والصوت، وغيرها من العروض السياحية الحيوية، إضافة إلى أن الواحة تُعد واحدة من أكبر الواحات الزراعية في العالم، فهي تحتضن أكثر من 3 ملايين نخلة تنتج أجود أنواع التمور.

إضافة إلى ذلك، فإن الواحة تتمتع بطبيعة ساحرة؛ نظير وجود شاطئ «العقير» بها، وهو من الشواطئ التي لا تزال تجذب إليها العديد من السياح من داخل المملكة وخارجها، وأهميتها التاريخية تتمحور في وجود عدة آثار بها، مثل «بيت البيعة»، حيث تشرّف بزيارته مؤسس الكيان السعودي الشامخ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - يرحمه الله - عام 1913م، ومن تلك الآثار قصر صاهود الذي تمّ إنشاؤه عام 1790م؛ لحماية المناطق الزراعية حول المدينة، ومن آثار الواحة «جبل القارة» الذي يتوسط أربع قرى تاريخية، وبه العديد من الكهوف ذات الطبيعة المناخية المختلفة والمميزة بالبرودة صيفا، والجو الدافئ في فصل الشتاء.

وهذا يعني أن اختيار مكان اجتماع الدورتين جاء مناسبا للغاية، ويعني في الوقت ذاته أن عقد الدورتين جاء متناغما مع ما تلعبه المملكة اليوم من أدوار قيادية كبرى على المستويات الإقليمية والدولية، وتلك أدوار برزت بشكل واضح من خلال ترؤسها مجموعة العشرين، وما تشهده حاليا من تحولات نهضوية كبرى، وتنمية شاملة في كافة الميادين والمجالات تحقيقا لرؤيتها الطموح 2030 والتي تمثلت في انفتاحها الواسع على دول العالم، ومد جسور التواصل مع مختلف الثقافات، والعمل على تنويع اقتصادها؛ تحقيقا لازدهارها ونموها المشهودين.

ومن بين تلك التطلعات الطموحة اهتمامها البالغ بالقطاع السياحي، على اعتبار أنه أحد المحركات الرئيسية لتحقيق تلك التطلعات، فانصب الاهتمام على قيام صناعة سياحية واعدة، تجلت في الاهتمام بطبيعة المملكة ومقوماتها التاريخية والتراثية، ومن بين تلك المقومات ما تحتضنه واحة الأحساء من معالم سياحية هامة أهلتها للانضمام عن جدارة واستحقاق لقائمة التراث الإنساني العالمي «اليونيسكو».

mhsuwaigh98@hotmail.com