د. نورة عبدالله الهديب

الطبيعة الإنسانية تحتم على الإنسان فعل الخير، فهي جزء من الفطرة، لكن لها مستويات متفاوتة على حسب مستوى الإنسانية في كل إنسان. لذلك فإن التطوع هو المجال الأسمى للرقي الإنساني، والذي يساعد على استشعار النعم التي رزقنا الله تعالى بها. بلادنا قد فتحت أبواب التطوع منذ زمن على جميع المستويات، ولكن رؤية ٢٠٣٠ قد شجعت أكثر على التطوع، وذلك بتعدد مجالاته، وتشجيع الأطفال والشباب على الانخراط فيه واعتباره محفزا للوظيفة المستقبلية.

للتطوع ميزات كثيرة تساعد الإنسان في النهوض بذاته وبشكل شخصي أولا، فروح المشاركة والتبادل مع الآخرين تنمي مهارات الإنسان وتهذبه بشكل أو بآخر. ومن الميزات الإيجابية في التطوع، أنه يساعد الإنسان على إيجاد ذاته، وذلك عن طريق تعدد مجالاته. فعندما يتقدم الإنسان لخوض هذه التجربة فإنه سيعرف ماذا يريد وأين يجد نفسه. فالتطوع له ألوان كثيرة والإنسان عندما يجرب هذه الألوان سوف يختار ما يناسبه منها لأنه وجد ذاته وقرر تطويرها وصقل مهارته فيها. ومن ميزات التطوع كذلك، أنه يساعد على ارتفاع معدل الثقة بالنفس والتقليل من نسبة التوتر والقلق. فمن خلال الانخراط التطوعي فإن الإنسان سيرى الكثير من المواقف ويتعرض لكثير منها فيتعلم بأشكال مختلفة. وذلك سيعزز نسبة الثقة بالنفس فيتمكن الإنسان من تجاوز الصعوبات ليمضي قدما لإعمار نفسه ومجتمعه ووطنه.

من خلال تجربتي البسيطة في الاستشارات، لاحظت أن البعض يعانون من عدم تقبل أهاليهم لفكرة التطوع، وذلك لأسباب متعددة تعود إلى جهلهم بالتطوع وأهميته والغرض منه. لذلك على المعنيين من المختصين والإعلاميين تسليط الضوء على هذه الفئة، وذلك بالتعاون مع التعليم من خلال التوعية في مجالس الآباء والأمهات. فالجهات التطوعية قادرة على إثبات أهميتها وشرح إيجابيات التطوع عن طريق ندوات أو محاضرات توعية مع ذكر أمثلة للآباء والأمهات لتثقيفهم بمفهوم وماهية التطوع على الفرد أولا والمجتمع ثانيا. والإعلام الرسمي كذلك، يجب عليه المشاركة في نشر ثقافة الوعي التطوعي عن طريق التعليم. فمن وجهة نظري أن الحملات الإعلامية المكثفة قادرة على توعية المجتمع بأهمية التطوع من خلال المدارس والندوات أو المحاضرات التي تقام في المدارس. فالهدف من كتابة مقالي هو توعية الفرد بأهمية التطوع وتسليط الضوء على تلك الفئة التي تجهل الكنوز القيمة المتواجدة في التطوع. لذلك أتمنى أن تكثف الجهود على تلك الفئة بالتعاون مع الإعلام والتعليم والمهتمين بالتطوع.

fofkedl @