محمد العصيمي

أولا نحن متفقون على أن السجائر كلها شر، قديمها وجديدها، سواء أكان غلافها مزركشا أم مقرفا. أيضا أرجو أن نكون متفقين على أن ما يصدر عن الجهات الحكومية الرسمية محل ثقة ولا يرقى إليه الشك. وبذلك يكون موقفك من الدخان الجديد بحسب موقفك من وزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء، فإن كنت تثق بهما فإن السجائر الجديدة ليست مغشوشة، وإن كنت لا تثق بهما فستظل معلقا بحبال الاجتهادات الفردية الخاصة التي تتحسس السجائر وتفتتها لتثبت لك درجة غشها. أنا شخصيا إذا قالت لي هيئة الغذاء والدواء أنها لم تجد اختلافا بين منتج التبغ القديم والجديد فسأصدقها حتى لو زن على رأسي ألف مدخن من الذين لهم رأي آخر.

في الوقت ذاته، لن أجادلك أو أحرمك من إصرارك على غش السجائر بأغلفتها المقرفة الأخيرة. هذا رأيك وشأنك، لكن يجب أن تضع في الحسبان مجموعة اعتبارات لدى شركات التبغ ولدى مهربي ومسوقي علب السجائر القديمة. هناك، على سبيل المثال، مهرب مستفيد يريد أن يبيعك العلبة القديمة بـ 40 ريال بدلا من 25 ريال السعر العادي المعلن للعلبة الجديدة. وشركات التبغ، حسب قراءات في أستراليا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول التي وقعت على اتفاقية منظمة الصحة العالمية في هذا الشأن، تحاول أن تضغط للرجوع إلى العلب (المغرية) السابقة، بعد أن أثبتت بعض الدراسات أن الشكل الخارجي لغلاف السجائر يؤثر على تقبل الشخص المدخن للمنتج حتى وإن كان من نفس النوع.

يعني تحاول شركات التبغ، بأقصى ما تملك من خبرات وتجارب، أن تقوض مسعى منظمة الصحة العالمية ومسعى الدول الموقعة على اتفاقيتها الإطارية، لتعود إلى علبها الفاتنة التي تجذبك وتؤثر على إقبالك وإدمانك عليها. هذا، من وجهة نظر شخصية، كل ما في مسألة الجدل الأخير حول السجائر وغشها وأخشابها. والزبدة التي يعرفها كل شخص أن التدخين، بكل صوره وصيغه وعلبه، قاتل، عاجلا أو آجلا.

ملاحظة أخيرة.. إذا كانت الدول تحارب التدخين، بمكوناته وعلبه القديمة، لترفع عن كاهلها عبء الميزانيات الضخمة لمعالجة المدخنين فكيف تقبل هذه الدول غش السجائر الجديدة، الذي يعني أنها ستتحمل أعباء إضافية نتيجة التدخين ذاته ونتيجة هذا الغش.؟!