عبداللطيف الملحم

هناك الكثير من الأمراض التي حيرت العلماء منذ القدم. بعضها تم إيجاد أدوية وعلاجات لها، وتم تطوير آلية العلاج في كل مرة يخطو فيها العلم خطوات كبيرة في الأبحاث باستخدام تقنيات أكثر دقة، وبعضها لا تزال مراكز الأبحاث تتواصل لإيجاد علاجات لها. وتقوم مراكز الابحاث بصرف مبالغ تصل إلى مئات الملايين من الدولارات وبمدد تصل إلى عشرات السنين. وبعد إيجاد دواء له لعلاج مرض أو أمراض محددة، فهناك خطوات علمية وقانونية معقدة حيال إنتاج الدواء. وقد يستمر التصريح لدواء معين عدة سنوات ويتم إلغاء استخدامه إذا تم اكتشاف أعراض جانبية سلبية. وتعتبر هيئة الغذاء والدواء الأمريكية هي الأكثر ثقة عالميا بسبب القيود القانونية عليها.

وفي الوقت الحالي، توجد أمراض تعتبر مستعصية على الطب الحديث، رغم معرفة المسببات التي من المستحيل التخلص منها. وعلى سبيل المثال هناك مرض السرطان وداء السكري والحساسية في الجيوب الأنفية، إضافة لأمور تعتبر طبيعية ولا يوجد منها ضرر ويحاول الطب إيجاد حلول لها مثل تساقط الشعر. وفي هذه الأيام ومع تطور وسائل الاتصال الاجتماعي هناك من يقوم باستغلال حالة الضعف لدى بعض المرضى أو استغلال الجهل في أحيان كثيرة؛ لنشر أمور ليس لها علاقة بالطب سوى استخدام الكلمات الرنانة ونظريات المؤامرة. ورغم أن هناك هدفا ربحيا من كبرى شركات الأدوية، ولكن هناك قيودا قانونية تحتم الشفافية. وما نسمعه من أحاديث وتسجيلات في بعض مواقع التواصل الاجتماعي ونشرها من قبل ممن يؤمنون بنظريات المؤامرة وجعل ما يقولون من أكاذيب وكأنها أمور مسلم بها. وفي الحقيقة هم لا يعلمون بأنهم يحدثون بلبلة ويزيدون من قلق المرضى، إضافة لتسببهم في توقف البعض عن الاستمرار في العلاج؛ مما يؤدي إلى كوارث طبية.

ولهذا، فقد لاحظ من لديهم اختصاص في الأبحاث الطبية عودة أمراض سبق القضاء عليها مثل شلل الأطفال. وهذا يأتي بسبب من يشكك في قدرة العلم الحديث على علاج أو تخفيف آثار مرض معين. فبعض ما يتم نشره من ذوي غير الاختصاص هو في الحقيقة للتكسب المالي والشهرة، خاصة أن كثيرا منهم لا يحمل شهادات معترف بها وليسوا من ذوي التأثير في المجال الطبي. فالمرض والأمراض المعدية موجودة منذ القدم، ولهذا فإنكار وجودها يدل على جهل من يتحدث عنها. وفي ظل كثرة ما يتم تداوله من أحاديث غير صحيحة عن مرض معين أو عقار طبي يتم استخدامه، فلا بد لهيئة الغذاء والدواء السعودية من إيجاد آلية للقيام بتفنيد ما يتم تداوله أو نشره؛ لكي يتم تلافي أي تشويش على تفكير المريض.