حوار - مها العبدالهادي

نائب رئيس حركة النضال العربي لتحرير الأحواز لـ «اليوم»:



شدد نائب رئيس حركة النضال العربي لتحرير الأحواز، حبيب أسيود، على أن الاحتجاجات التي تجتاح المدن الإيرانية حاليا، تمثل واقعا جديدا، ليس في إيران فحسب، بل في عدد من دول المنطقة التي طالها عبث نظام طهران، لافتا إلى أن التحركات الشعبية بالعراق ولبنان، سوف تساهم في التعجيل بإسقاط هذا الأخطبوط.

وحول دولة الأحواز العربية، قال أسيود في حوار أجرته معه «اليوم»: نحن نسعى إلى تمليك شعبنا حقه في تقرير مصيره، تحت إشراف دولي، وهذا أمر يكفله لنا القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة.

وأضاف: بالتأكيد هذا يتطلب بذل المزيد من النضال، مبديا أسفه بأن يكون الأحوازيون أفقر شعب يعيش فوق أغنى أرض بسبب الاحتلال الإيراني، مضيفا «هذه حقيقة، ولا يمكن أن نتوقع من المحتل الغاصب أن ينصفنا».

وأشار أسيود إلى أن احتلال الإقليم كان بمساعدة بريطانيا، وبالتالي جاء وفقا لمزاج المستعمر الذي كانت له الإرادة العليا، مشددا على أن ذلك جاء في وقت كان المحتل الفارسي حريصا على عزل «الأحواز» من محيطها العربي.. فإلى وقائع الحوار:

أنتم كمنظمة وحركات أحوازية تحتل إيران أرضكم أين تقف قضيتكم في الجامعة العربية ومنظمة الأمم المتحدة؟ وما الجهود التي تبذلونها لإسماع صوتكم للعالم؟

للأسف للوصول إلى مخاطبة المسؤولين في هاتين المنظمتين، نحتاج إلى تزكية، أما عرض القضية بمجهودنا الخاص فلا قيمة له، حيث بمقدور موظف بسيط تعطيل طلبك، إن لم يتوافر له سند قوي.

يثور الشعب العراقي الآن، ضد الوجود الإيراني كما في لبنان، بشكل أو بآخر المعنيون بالفساد بشكل رئيسي هم أدوات إيران، هل يمكن أن تكون تحركات الأيام الماضية بداية لانتفاضة جديدة ضد الاحتلال؟

كما ذكرت في سؤالك أن الشعب الأحوازي ينتفض ضد الوجود الإيراني، هذه حقيقة يعيشها شعبنا منذ فترة، وتبعتها لاحقا التحركات في باقي المناطق الإيرانية.

وبما أن هذا التمدد أقوى وأقسى على النظام، فإننا نرى ذلك تطورا إيجابيا نطمح أن يؤدي إلى سقوط هذا النظام الفاشي، لا سيما وأن التحركات الشعبية التي تعم العراق ولبنان، سوف تساهم في التعجيل بإسقاط هذا الأخطبوط.

ألا ترون أن هناك ضرورة الآن للتنسيق بين كل الشعوب المحتلة من قبل إيران كالبلوش والآذريين، وضرورة أن تتحرك جميع الشعوب المحتلة، فالفرصة قد لا تتكرر، خاصة مع الأزمات التي يعيشها النظام؟

نحن نستشعر أهمية هذا التنسيق، لذلك سعت حركة النضال العربي لتحرير الأحواز، إلى جمع هذه الأطراف والتباحث معهم حول الصيغ المناسبة لتوحيد جهودنا في مواجهة النظام.

وفي هذا الإطار، تم التوقيع على تفاهم يجمع هذه الأطراف قبل عامين، ضمن أعمال مؤتمر حركة النضال في بروكسل، والتنسيق بيننا جار على قدم وساق، وبعد أيام، سوف تكون هناك جولة جديدة للتشاور حول مستقبل التنسيق بيننا.

حركة النضال العربي لتحرير الأحواز، هي حركة وطنية قومية تسعى لتحرير الإقليم من الاحتلال الإيراني، كيف وبأي طريق يمكن أن يتم ذلك؟

نحن نسعى للوصول إلى هدف يرتضيه شعبنا وبمحض إرادته، دون تحديد خياراته في قوالب توفيقية.

نحن نسعى إلى تمليك شعبنا حقه في تقرير مصيره، تحت إشراف دولي، وهذا حق يكفله القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، وبالتأكيد هذا الأمر، يتطلب بذل المزيد من النضال.

الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي قال: إن «إيران تحيا بخوزستان»، وهي كانت وما زالت تعترف بأهمية إقليم الأحواز لها، كونها تنتج ما نسبته 87% من إجمالي نفط البلاد المصدر، كما يشكل الغاز الطبيعي في الإقليم 100% من الغاز الذي تملكه إيران، ومع ذلك جعلت الأحوازيين أفقر شعب عربي، كيف تتعامل القوى الأحوازية تجاه ذلك؟

هذه حقيقة، ولا يمكن أن نتوقع من المحتل الغاصب أن ينصفنا.

الأحوازيون بعد أن كسروا الحصار جزئيا عن بلادهم، وانتشروا في بقاع الأرض، صاروا ينشطون سياسيا وقانونيا وإعلاميا، لفضح طبيعة الاحتلال الإيراني للأحواز.

والأوضاع الاقتصادية المزرية التي يعيشها الشعب الأحوازي في ظل الاحتلال، «أفقر شعب فوق أغنى أرض»، وهذه النشاطات أصبحت تؤتي أكلها.

لماذا برأيك لم تحظ دولة الأحواز العربية المحتلة بدعم إعلامي عربي وعالمي؟ ولماذا لم تسلط الأضواء عليها كونها إقليما محتلا منذ ما يزيد على 90 عاما؟

لقد تم الاحتلال بمساعدة القوى العظمى آنذاك، حيث كانت بريطانيا تحتل معظم الدول العربية والإسلامية، وتسعى إلى جعل اتفاقية سايكس بيكو أمرا واقعا، وبالتالي فإن احتلال دولة الأحواز، حدث في وقت كان يجري فيه ترتيب أوراق المنطقة وفقا لمزاج المستعمر الذي كانت له الإرادة العليا.

وفيما بعد طبع العرب لمسايرة الواقع.

في نفس الوقت كان المحتل الفارسي حريصا على عزل الأحواز من المحيط العربي.

ولذلك نرى أن العرب يجهلون الكثير عن الأحواز، والنظام الرسمي العربي لم يول أي اهتمام بهذا الإقليم، فالثورة الأحوازية ثورة منسية بالرغم من نضالات الشعب الأحوازي طيلة هذه العقود.

سعت الأنظمة الإيرانية طوال هذه الأعوام لطمس الهوية العربية للأحواز، وفرض الهيمنة الفارسية عليها.. كيف يواجه الشعب ذلك؟ وكم يبلغ عددهم؟

عقب النكسة التي أدت إلى احتلال الأحواز من قبل الفرس في 1925 بمساعدة بريطانية، كان الهدف الأول هو تفريس الإقليم وتجريده من هويته العربية، وذلك باستهداف اللغة العربية، وبالتالي محاربة شخصيته الثقافية المميزة في العادات والتقاليد، وطمس كل المعالم التاريخية للحضارة العربية الأحوازية. طوال قرن من الزمان والفرس يستهدفون في هذا الإقليم كل ما هو عربي، إلا أن العبرة بالنتائج.

دمر الاحتلال الفارسي الشواهد المادية، وغيروا أسماء المدن، بل حرموا الأحوازيين من تسمية أبنائهم، وأوكلوا ذلك إلى السجل المدني الذي يتعمد تعجيم الأسماء العربية.

ومع ذلك لا يزال الأحوازي عربيا في لغته العربية الجزلة وإحساسه وشعوره وملامحه، ولم ينجح الأحوازي في ذلك، إلا بمقاومته الدائمة لكل مشاريع المحتل الإيراني.

في ظل العقوبات الأمريكية على النظام الحاكم في طهران والضغوطات الغربية التي قد تتصاعد مع إنهاء العمل بالاتفاق النووي من قبل إيران، إلا أنه بات ضروريا تحريك الشارع الأحوازي ووقوع انتفاضة جماهيرية اليوم قد تكون مثمرة أكثر من أي وقت مضى؟

الأحواز تتحرك من تلقاء نفسها، فهي منتفضة ضد النظام من قبل أن تعم هذه المظاهرات عموم الدولة الإيرانية.

الأحوازيون يقاومون المحتل بأساليب متعددة، ويتفاعلون مع مستجدات الوضع العام الهادفة ليس لإبطال سياسات النظام فحسب، بل الساعية إلى إسقاطه، وتعتبر الأحواز في هذه الثورة، من أسخن المناطق المنتفضة ضد النظام، والضحايا الذين يسقطون في المدن الأحوازية خير دليل على ذلك.

الاحتجاجات والتظاهرات التي تجتاح أكثر من مائة مدينة إيرانية، ما توقعاتكم لنتائجها؟ وكيف من الممكن أن يتصرف النظام الإيراني حيالها؟

الاحتقان القائم حاليا في إيران، يتجاوز وصف المظاهرة، بدلالاته المحدودة في المعنى والقوة والدواعي.

أما الوصف المناسب لهذا الحراك فهو الثورة بما تحمله هذا الكلمة من معنى راديكالي لتغيير الواقع.

وبما أنها ثورة بكل ما يعنيه هذا الوصف، فإن ما بعدها سوف يكون مختلفا عما قبلها، ما يعني أننا مقبلون على واقع جديد ليس في إيران فحسب، بل في عدد من دول المنطقة التي طالها عبث النظام الإيراني.

وحيث إن هذا النظام يوقن قبل غيره، جدية هذه الثورة، وأن نهايته أمر لا مفر منه، أخشى أن يتصرف بمنطق «أنا ومن بعدي الطوفان»، هذا إذا كان الأمر متروكا له ولردود فعله، أما إذا جرت مساع دولية لاحتواء ما يمكن أن تفضي إليه الثورة، فسوف نشهد تجاذبا سياسيا بين أصحاب الشأن للوصول إلى حلول ترضي كل الأطراف.