د. عبدالوهاب القحطاني

تتحول المملكة إلى التنوع الاقتصادي، وذلك من خلال تمكين القطاع الخاص لينسجم مع رؤية 2030. وسنرى في السنوات القليلة القادمة زيادة في مساهمة القطاعات غير النفطية في نمو إجمالي الناتج المحلي. وستكون المملكة ورشة عمل إنتاجية لتحقيق رؤية 2030، وستستمر في تحفيز القطاع الخاص على زيادة الإنتاجية في مختلف قطاعاته، وتحسين مستوى منافسة المنتجات السعودية في السوق السعودية والأسواق العالمية. سيساهم قطاع الخدمات بشكل عام في زيادة إجمالي الناتج المحلي لكون المبادرات العملاقة أهم ركائزه، مثل مشروع القدية ومشروع البحر الأحمر والمشروع العملاق نيوم. وأتوقع أن يساهم مشروع نيوم بحولي 13-15% في إجمالي الناتج المحلي حسب التقديرات الأولية بعد التشغيل الفعلي الكامل للمشاريع في نيوم. ينسجم النمو في مشاركة قطاع الخدمات في الناتج المحلي مع معدل النمو العالمي، فقطاع الخدمات الأمريكي يساهم بحوالي 67% في إجمالي الناتج القومي الأمريكي. وأتوقع لقطاع الخدمات في المملكة النمو بوتيرة عالية وسريعة قبل تحقيق رؤية 2030 بنسبة تبلغ حوالي 50% مما هو عليه الآن. سيشهد قطاع البناء والتشييد نموا أعلى مما هو عليه الآن، وذلك لأن المشاريع العملاقة التي تدعمها الرؤية 2030 ستحفز شركات المقاولات في هذا المجال. أتوقع نموا تدريجيا متباطئا، لكن سيرتفع بعد 2020، خاصة بعد تحسن أسعار النفط. أما القطاع العقاري الذي لا يزال متماسكا بدرجة ملحوظة فإنه سيشهد تصحيحا متوسطا، خاصة في المناطق البعيدة عن المدن الكبيرة. وعندما تزيد الحكومة ضخ الأموال في صندوق التنمية العقاري فإن ذلك سينكعس على نمو القطاع العقاري وقطاع التشييد والبناء. وسينمو قطاع الأسمنت الذي يواجه تراجعا قويا في السنوات الخمس الأخيرة، حيث وصلت قيمة سهم بعض شركات الأسمنت 20% دون سعر الاكتتاب بسبب تراجع الطلب على الأسمنت وارتفاع تكاليف التشغيل. يعد قطاع التعدين في المملكة من القطاعات الحيوية التي تساهم في إجمالي الناتج المحلي، فشركة معادن تأسست لاستخراج الفوسفات من الشمال ضمن مشروع وعد الشمال الواعد. وبزيادة كمية الفوسفات المعد للتصدير عبر ميناء رأس الخير ستزيد مساهمة قطاع التعدين في إجمالي الناتج المحلي عما هي عليه الآن. وبالطبع يعد القطاع المالي من أهم الركائز الاقتصادية في المملكة، لما يحويه من وعاء مالي يدعم الاقتصاد بشكل عام في تمويل الاستثمار والقروض بشكل خاص. وإجمالا أتوقع للبنوك السعودية النمو المتواضع حتى 2020م ثم تشهد نموا ملحوظا بعد ذلك. ونموها مرتبط بنمو الإقراض للأفراد والشركات والمشاريع الحكومية. التراجع الملحوظ في إجمالي الناتج المحلي في الربع الأول والربع الثاني من عام 2019م كان بسبب تراجع أسعار النفط، وذلك منذ بداية الربع الرابع لعام 2018م، لكن مساهمة القطاع غير النفطي ساعدت بنسبة متواضعة في تعافي إجمالي الناتج المحلي بنسبة بسيطة في الربع الثاني لعام 2019م. وربما يعود التراجع في إجمالي الناتج المحلي إلى إفلاس وخروج نسبة كبيرة من الشركات الصغيرة والمتوسطة من الاقتصاد لعدم قدرتها ماليا على مواكبة التغيرات الاقتصادية الملازمة لرؤية 2030م، خاصة بعد تطبيق الرسوم على الوافدين لتحفيز الشركات على توطين الوظائف في القطاع الخاص. وفي الختام أرى أهمية دعم القطاع الخاص بخفض الرسوم ليستطيع الاعتماد على نفسه؛ ليشارك في التنمية الشاملة وتحقيق رؤية 2030 علما أن الولايات المتحدة تتبع سياسة إعادة الضرائب لتنشيط الشركات خلال الأزمات الاقتصادية والركود الاقتصادي. @dr_abdulwahhab