محمد حمد الصويغ

تحدثت في المقال السابق عن الشخصيات العالقة في الذاكرة بعد تلك السنوات الطوال التي قضيتها في هذه المطبوعة الغراء «اليوم»، وأستكمل الحديث اليوم عن تلك الشخصيات مع الأستاذين عتيق الخماس وعبدالله الغشري، أما الأول فكان نائبا لرئيس التحرير وملأ فراغ الرئيس في فترات عديدة، وعند عملي معه مع بقية الزملاء في مبنى الدار القديم بحي البادية كان يردد كلمتيه الشهيرتين عندما نطالبه بتحسين رواتبنا ومكافآتنا وهما «أبشر بالخير» وعند انتقال الدار إلى المبنى الجديد تحولت تلك البشرى إلى حقيقة واقعة بفعل ما طرأ على الدار من تحديث وتطوير، أما الغشري - يرحمه الله - فكان من أظرف الزملاء الذين تعاملت معهم في الدار، وكان يملك مركبة «أكل الدهر عليها وشرب» فكان يكلف الزملاء بعملية «الدف» يوميا فإذا ما سارت الأمور على ما يرام أومأ لهم من نافذة مركبته شاكرا، وفي أحد الأيام كلفهم بتلك العملية لمسافة طويلة ولكنه أوقف مركبته فجأة فقد اكتشف أنها خالية من «البنزين» تماما. وتعلق في ذاكرتي من تلك الشخصيات الأستاذان عبدالعزيز المشري وإبراهيم الغدير، أما الأول فكان من كتاب القصة القصيرة المعدودين بالمملكة والذي كان يزود المطبوعة عطفا على تعاونه معها بنتاجه الذي كان ينشر في الصفحة الثقافية، وقد كان - يرحمه الله - إلى جانب أقاصيصه ومقالاته الرصينة كان كذلك رساما تشكيليا، وقد اعترضت في يوم ما على عنوان إحدى أقاصيصه التي طلب مني إجازتها ونشرها وهو «عصا عمي تتنحنح» وبعد طول جدال صمم على نشر القصة بهذا العنوان وإلا قدم استقالته من الدار فرضخت لطلبه، أما الغدير فقد كان - يرحمه الله - شاعرا رقيقا وكاتبا ظريفا، ويصادفنا عجز أحيانا في إكمال صفحات المطبوعة ليوم جديد وهو ما نسميه الصفحات «البايتة» فنلجأ إلى تبادل عبارات وجمل مكتوبة هي أشبه ما تكون بالخواطر ونكون بها صفحة كاملة كنت أترك للغدير حرية اختيار عنوانها.