يسير التعليم الجامعي في المملكة منذ بدايته قبل حوالي السبعين عاما بخطى حثيثة في شتى المجالات العلمية والبحثية، وحظي بالاهتمام والدعم المستمر لبناء أجيال متعلمة، وعلى قدر عالٍ من المعرفة والثقافة. بحسب تصنيف شنغهاي للجامعات العالمية لعام 2019 استطاعت 4 جامعات سعودية أن تكون ضمن أفضل 500 جامعة، ويؤكد ذلك حرص القيادة على التعليم وتنمية عجلة التطور في كل ما يتعلق بالمؤسسات الجامعية. اعتمد مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- نظام الجامعات الجديد الأسبوع الماضي، والذي يتكون من (14) فصلا، يشتمل على (58) مادة. سيمنح النظام الجامعات استقلالية منضبطة بحيث يمكّنها من بناء لوائحها الأكاديمية والمالية والإدارية، وفق السياسات العامة التي تقرها الدولة من خلال مجلس شؤون الجامعات المقترح. كما سيمنحها الصلاحية لإقرار تخصصاتها وبرامجها الأكاديمية، واختيار قياداتها على أساس من الكفاءة، وتحسين مخرجاتها لتلبية طلب سوق العمل. وسيتيح لها تفعيل مواردها الذاتية، وسيسمح لها بإنشاء الأوقاف وتأسيس الشركات وافتتاح فروع للجامعات الأجنبية داخل البلاد. سيبدأ تطبيق النظام بشكل تدريجي على 3 جامعات في المرحلة الأولى بعد 180 يوما من نشر القرار في الجريدة الرسمية. النظام يعتبر نقلة تاريخية في مسيرة التطور الذي شهدناه في الجامعات السعودية وسيحقق بإذن الله مكاسب غير مسبوقة على الصعيد التعليمي والبحثي والمجتمعي. كما أنه يعزز رفع الكفاءة وزيادة الإنتاجية وستكون بذلك بيئة العمل جاذبة للأكاديميين، الباحثين، المخترعين الطموحين. وسيسهم في ترشيد الإنفاق، وتنمية الموارد المالية والبشرية، وخلق فرص وظيفية تنافسية متسقة مع رؤية المملكة 2030. سيخلق النظام لكل جامعة هويتها المتفردة فيما تقدم من خدمات وسيمكن الجامعات من تفعيل اللامركزية بزيادة الصلاحيات الداخلية، وصلاحيات مجلس الجامعة. كما أن الاستقلالية المادية ستساعد في مرونة وسرعة اتخاذ القرارات، وتسهيل الإجراءات، ووأد البيروقراطية والروتين الإداري. إن هذا التمكين بلا شك سيحقق نقلة نوعية في التعليم الجامعي بتنظيم العلاقة بين عضو هيئة التدريس والجامعة. واستثمار العقول في جميع المجالات كالبحث العلمي، الإبداع، الابتكار وريادة الأعمال، حيث سيدعم ذلك الاقتصاد المعرفي وتحقيق التنمية المستدامة. أما بشأن قلق الهيئة التعليمية والإدارية عن المتغيرات التي ستحدث على أنظمتهم الوظيفية، فسيبقى الوضع كما هو عليه وسينفذ التغيير على الكادر الجديد الذي يعين في الجامعات التي سيطبق فيها النظام. كما أنه لا صحة لما يتم تداوله عن فرض رسوم على التعليم الجامعي، حيث إن الدولة تكفل هذا الحق لجميع المواطنين، وستستمر المكافآت الشهرية للطلاب الحكومي. النظام سيعزز الدور الهام للجامعات والتنافسية بينها وبذلك ستكون المملكة استثمرت في مواردها البشرية وستصدر المعرفة للعالم. ومن هذا المنبر أتقدم بجزيل الشكر لسيدي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهما الله- على دعمهما الدائم لقطاع التعليم وإقرار النظام الذي سيحقق إنجازات عظيمة بإذن الله.