د. نورة عبدالله الهديب



اندماج المعارف والعلوم البشرية من خلال عالم التقنية، الذي أصبح متلازمًا مع الصغير قبل الكبير، جعل توثيق تفاصيل الحياة عبر التقنية ثقافة مؤثرة على أطفالنا؛ مما زاد سعة الوعي والإدراك عند أطفالنا في مجالات متعددة؛ الأمر الذي كشف لنا الحياة الاجتماعية والثقافية والسلوكية وغيرها بأشكال متعددة.

على سبيل المثال، البرامج والمشاهد والقصص المؤثرة والمُضحكة، والعروض التي تحاكي عقليات أطفالنا بمستويات مختلفة.. كل هذه المعارف تُعتبر روافد أو مصادر معرفية مهمة، يجب الأخذ بها بعين الاعتبار بشكل تربوي وتعليمي.

هذا ما دفعني للكتابة عن هذا الموضوع الذي أعتقد أنه حان الوقت للتركيز في كيفية تحويل هذه المصادر أو الروافد المعرفية إلى مواد علمية وثقافية تُنقّح على شكل محتويات منهجية تُدرّس لأطفالنا.. فوسائل التواصل الاجتماعي تحمل كميات هائلة من المواد المختلفة، منها السلبي ومنها الإيجابي.

وكباحثة ومهتمة بالطفل، أعتقد أنه من الجميل لو كثّف المختصون في الجانب التعليمي والتربوي على نقاط مهمة ومؤثرة على الطفل أولًا من خلال وسائل التواصل.

على سبيل المثال، كثرة المشاهير من الأطفال والمراهقين، واعتبار البعض منهم قدوة يُحتذى بها.. قد جعلني أتساءل عن الأسباب التي دفعت بعض الجماهير من الأطفال لاختيار المحتوى الذي يعرضه بعض المشاهير بأشكال مختلفة.. فالأسباب والمسببات من وجهة نظري تعتبر مادة معرفية يجب البحث عنها وتحليلها، وإضافتها بشكل تربوي أو تعليمي في المناهج.. وكذلك، المحتوى المقدَّم من بعض المشاهير، سواء على شكل قصص أو علوم ستكون مليئة بمحتويات يُستفاد بها، بعد تحويلها إلى محتوى سلوكي أو معرفي يُضاف إلى المناهج.

وأخيرًا وليس آخرًا، التوعية التقنية التي يقدمها بعض المشاهير لأطفالنا تُعتبر كذلك مادة علمية يجب أن تُستخلص وتُنظم بشكل منهجي يحاكي عقلية الطفل.. والكثير من المواد والمحتويات التي تُستخرج من الروافد المعرفية عن طريق التقنية، والتي أعتقد أنه حان الوقت لبرمجتها على شكل محتويات منهجية تُدرّس لأطفالنا.

فالمحتوى المنهجي المُقدَّم لأطفالنا يجب أن يواكب تطلعات رؤية ٢٠٣٠، والجهود المبذولة حيال ذلك كثيرة.. ولكن من وجهة نظري كباحثة، فإنه ما زالت هناك فجوة بين ما يتعلمه الطفل من المنهج، وبين ما يتعلمه ويمارسه خارج جدار المدرسة.. وذلك بسبب تعدد الروافد المعرفية حوله، وهذه الفجوة قد تُحدِث خللًا معرفيًا وعلميًا للطفل مستقبلًا، إذا لم يتم التركيز على ما تقدمه المصادر والروافد المعرفية البشرية عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.

يجب علينا أن نستوعب أن عقول أطفالنا تُعتبر كنوزًا بدأت تُستثمر من قِبَل تلك الروافد؛ لذلك وجب التركيز على ماهية هذه الروافد.. واحتواؤها لتتناسب مع عقول أطفالنا.

@fofkedl


  • 449x626

    870.35KB