أحلام القحطاني



يدرك الجميع أن الأجهزة الذكية بتطبيقاتها المتنوعة قد غزت العالم واستوطنت الكثير من البيوت التي بات كل فرد فيها يحمل واحدا أو اثنين منها سواء أكان كبيرا أم صغيرا، إذ إن العمر لم يعد معيارا لاقتناء هذه الأجهزة، بل أصبحت في متناول الأطفال منذ السنوات الأولى لهم، كما سرقت الكثير من وقتهم، إذ إن الطفل لم يعد يشعر بالوقت أو بمن حوله، مما أحدث هبوطا حادا في مستوى وعيه بالمحيطين، وذلك لمكوثه في هذا العالم الافتراضي لساعات طويلة قد تصل لوقت متأخر من الليل، وتقلل من التفاعل مع الأنشطة الاجتماعية أو الرياضية تلك التي كان حريصا عليها قبل أن يقع في هذه الشباك التي عزلته عن العالم الواقعي ليأخذه آخر مجهول الهوية.

تتحدث بعض الدراسات الحديثة حول ما يسمى إدمان الأطفال على استخدام الأجهزة الإلكترونية، نتائج هذه الدراسات تمركزت حول زيادة حالات البدانة لدى الأطفال، إذ إن الأكل خلال المشاهدة واللعب لساعات طويلة وقلة الحركة تحدث مثل هذه النتيجة، ومن المعروف أن السمنة سبب رئيسي لمرض السكري، وهذا قد يضعنا في قلق كبير حول الحالة الصحية للطفل المصاب بمثل هذا النوع من الإدمان، كما أن من ضمن نتائج الدراسات نقص التركيز وفرط الحركة، وكذلك انخفاض معدل التطور المعرفي والخيالي والإبداعي، ما يجعلنا أمام خطر كبير يهدد أطفالنا ويحتم علينا أن نضع معايير واضحة وسنا معينة للاستخدام، فالكثير منا عندما يأتي له ابنه ويقول: فلان ضربني في المدرسة، يستشيط غضبا ولا يتردد في أن يذهب للمدرسة ليحل المشكلة في وقتها، ولا تجد منه أي ردة فعل عندما يضرب هذا الجهاز الذكي عقل ابنه يوميا ويهدد صحته، رغم علمه المسبق بمخاطره!.

تقول إحدى الأمهات: لم يعد يتجاوب معي طفلي الصغير ذو الخمس السنوات كما في السابق، وذلك بعد أن دخلت الأجهزة اللوحية حياته، فقد بت أشك في تصرفاته ولغته غير المفهومة، فقد كان في السابق يلعب ويضحك ويفرح بالهدايا، أما الآن فلا يكترث بأي لعبة جديدة أجلبها له، بل يصرخ ويستمر في البكاء حتى أعيده «لعالمه الافتراضي». ومن هنا نؤكد أن الأبوين يحملان جزءا كبيرا من المسؤولية لأن زمام الأمور بأيديهما، ويتوجب عليهما اتخاذ القرار في هذا الشأن للحفاظ على الصحة النفسية والجسدية للطفل، فالكثير من الأطفال أصبحوا يميلون إلى العزلة وقلة التواصل مع الآخرين والمكوث الطويل في المنزل واضطرابات في النوم مع القلق الشديد والتوتر عند انفصال الانترنت وكأنه «أوكسجين»، لذا يستوجب العمل على إعادة البيئة الطبيعية والصحية للطفل حتى لا ينتهي به المطاف في العيادات النفسية أو المستشفيات لا سمح الله.