سكينة المشيخص



جهود وزارة الداخلية، ممثلة بالمديرية العامة لمكافحة المخدرات، لا يمكن إنكارها في الحد من مخاطر هذه الآفة التي تفتك بأي مجتمع من خلال التأثير السالب على شبابه تحديدا وتحييدهم من أي أدوار حيوية وإيجابية في بناء أوطانهم، بل أصبحت المخدرات أحد أقوى الأسلحة الفتاكة التي يمكن توجيهها إلى بلد من عدو واضح وصريح أو مستتر يستهدف النيل من مجتمعنا ووطننا.

تلك الجهود تم تتويجها مؤخرا بحصول الوزارة، الإدارة، على جائزة المركز الثاني لأفضل تعاون ميداني معلوماتي عملياتي على المستوى العربي والإقليمي والدولي، والتي تنظمها الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب، وسبق أن حصلت الوزارة على المركز الثالث في هذه الجائزة، فيما حققت المركز الأول في مؤتمرين سابقين، وذلك يعني أننا متقدمون في محاربة ومكافحة المخدرات وحماية أبناء الوطن من تخدير عقولهم ورميهم في بئر الجريمة والأوهام.

الحديث يطول بلا شك فيما يتعلق بضرورة فعالية أي دور لمواجهة الآثار الضارة للمخدرات، ومع ذلك لا ينبغي أن نتوقف عند الدور الأمني للوزارة وأجهزتها المعنية، وإنما نحن كمجتمع مطالبون بأدوار رقابية مستمرة حين نعلم أننا كمجتمع أو وطن في حالة استهداف لتدمير بنيتنا الإنسانية وإشاعة الجريمة المنظمة فيه، ولا أحد يقبل أن يكون تحت رحمة مجرمين يمكن أن نتساهل معهم للإضرار بأبناء وطننا.

لذلك ينبغي التأكيد على أن المخدرات وتعاطيها والاتجار فيها خط أمني أحمر، ليس أمنا وطنيا وحسب وإنما أمن فردي ومجتمعي لأن مترتبات وتداعيات هذه الجريمة تنسف كل جهود للبناء والنمو والتطور والازدهار، لذلك نستعيد مبدأ أن المواطن هو رجل الأمن الأول بما يلاحظه ويراه أو يسمع به ويتعامل معه بكل وعي ضروري في مثل هذه الحالة.

اليقظة والحاسة الأمنية توجد لدى كل فرد حين يواجه خطرا، ولكن ذلك يحتاج لمحفزات وتفعيل وليس هناك حافز لرفع الحس الأمني أكثر من إدراك أن هناك كثيرا من الأعداء الذين يسمحون بتوجيه هذه السموم إلى بلادنا، وقد ينجح بعضهم في ذلك، وهنا يأتي دورنا كمواطنين في إدراك أي اختراق بتواجد مواد مخدرة يمكن أن يتاجر بها أو يتعاطاها بعض من ضعفت نفوسهم ليذهبوا بعقول شبابنا.

الدور المجتمعي يمتد أيضا إلى المؤسسات والجمعيات المدنية والمجتمعية التي يمكنها أن تواصل فعالياتها التوعوية بلا انقطاع بهدف التعريف بمخاطر المخدرات على الصحة الفردية والأمن المجتمعي والوطني، لأنه طالما هناك استهداف فذلك يعني ألا تتوقف برامج وحملات التوعية لأننا نحتاج إلى وطن معافى من أي احتمال لاختراق أو ظواهر سلبية تنتهي إلى الجريمة التي تضر بالفرد والمجتمع.

لطالما كان الأمن مسؤولية جماعية، لذلك فإن المواطن معني بأمن مجتمعه ووطنه مثله مثل رجل الأمن، ولا يجب أن يتراخى المواطن عن دوره في هذا الجانب لأنه حين يفعل ذلك يسمح بنمو ظاهرة سلبية تنعكس شرا كبيرا على أمن المجتمع وبلادنا، لذلك نؤكد على أن الأمن مسؤولية جماعية تبدأ بالمواطن كما رجل الأمن غير أن الأخير هو من يتعامل معها في سياقها الأمني والبحثي، ولا يمكن أن نضع كل العبء والحمل على رجال الأمن فذلك تساهل وتراخ ليس له ما يبرره لأن التغافل أو عدم الاهتمام سرعان ما يرتد ضررا مجتمعيا كبيرا ومباشرا، الأمر الذي يتطلب حضورا ذهنيا ويقظة وحسا أمنيا خاصة في الفترات التي تنشط فيها المهددات الأمنية، فالمخدرات لم تعد مجرد تجارة يتكسب منها المنتفعون الرخيصون، وإنما سلاح مهم لدى الآخرين يستخدمونه ضمن ترسانة أسلحتهم في الصراعات والمواجهات غير المباشرة.