عبدالرحمن المرشد



تنفق الجهات الرسمية سنويًا مبالغ طائلة على الاحتفالات والمناسبات التي تقيمها بشكل مستمر، ولا أبالغ إذا قلت إنها تتجاوز أرقامًا فلكية لا نتوقعها، ولا توجد لدي إحصائية، ولكن عملتُ سنوات طويلة في القطاع الحكومي، وأعلم حجم المبالغ التي يتم إنفاقها على مثل تلك المناسبات، وأكاد أجزم بأنه لو تم التعامل معها بشكل جيد لاستطعنا من خلالها توظيف آلاف الأيدي العاملة الوطنية، ما بين شباب وبنات، وبرواتب مجزية ولكن كيف يتم الأمر؟

أتوقع أن الرقم يتجاوز مليارَين، فلدينا عشرات الأجهزة الحكومية التي تنظم مناسبات بشكل مستمر يتجاوز ثلاث أو أربع مناسبات أسبوعيًا بمبالغ كبيرة، خلاف السناك الصباحي الذي يتم تجهيزه يوميًا من المواقع الخارجية وغيرها، تلك المبالغ التي تذهب للمطاعم والفنادق يمكن استثمار جزء منها؛ لتدعيم الأسر المنتجة بحكم أن تلك الأسر من المواطنات السعوديات اللاتي يمتلكن المهارة في فن الطبخ، وتجهيز الأكلات الشعبية التي لا يعرف غيرهن أسرارها، بحيث يتم إلزام تلك الجهات بعقد اتفاق مع بعض السيدات السعوديات المتميزات في هذا المجال؛ لتجهيز تلك الموائد أو جزء منها، وبالأخص فيما يتعلق بالطبخ الشعبي، وفي حال عمل الاحتفال في فندق خمسة نجوم يتم إلزامه بالاتفاق مع طباخات سعوديات لتجهيز المأكولات، ويتم الاشتراط على الأسر المنتجة أن يكون التوصيل بأيدي سائقين سعوديين، وتجهيز طباخات ومساعدات وطنيات، وجميع ما يتعلق بالعمل، بدءًا من استقبال الاتصال، وانتهاءً بالتوصيل، ولنا أن نتخيّل حجم العمل الكبير الذي ستحققه تلك الأسر، وما ينتج عنه من توظيف أعداد هائلة لأبناء وبنات الوطن، وهو ما يتوافق مع رؤية المملكة 2030 التي تؤكد على موضوع التوطين، وتقليص البطالة، أيضًا هذا الأمر سيحقق انتشارًا للثقافة السعودية فيما يتعلق بالمأكولات، خاصة مع حضور السياح الأجانب بأعداد كبيرة للمملكة، بعد السماح بتأشيرة زيارة ومضيف.

بدأ التركيز في مشاركة المملكة في المناسبات الخارجية على جلب بعض الطباخات السعوديات، وتقديم مختلف الأصناف للمشاركين الذين أبدوا استحسانهم للأكل السعودي المتميز بجودته ومذاقه الرائع، ولذلك من الأَولى أن يتم التركيز كذلك محليًا بقصد توفير الوظائف، وانتشار ثقافتنا الغذائية لدى المقيمين والسائحين.

توجد لدينا مئات السيدات السعوديات اللاتي يتفنن في الطبخ السعودي، سواءً من المنطقة الوسطى أو الغربية أو الجنوبية أو الشرقية أو الشمالية، ولديهم مشاريع ما زالت في البدايات، ويأملن دعمها من خلال عقد اتفاقات مع الجهات الحكومية لتأمين وتجهيز وجبات غداء أو عشاء أو إفطار، وبأسعار تقل كثيرًا عما تقدمه الفنادق والمطاعم المشهورة التي بالتأكيد لا تولي جانب السعودة أهمية تُذكَر، بدءًا من الشيف وانتهاءً بالترتيب والتنظيم والخدمة.

أتمنى أن يتم أخذ ذلك في الاعتبار، وقبول هذا الاقتراح لتطوير وإبراز هذه المهنة التي تُدار بأيدٍ وطنية 100%.