خليل الفزيع

تستغرب من الفحش الإعلامي، الذي تصفعك به فضائيات تنتسب لدول أصرت على أن تنفي من قواميسها احترام جيرانها، وأن تجعل من نفسها وأعوانها منصة لنشر ذلك الفحش الإعلامي المقزز، الذي لا يتنافى مع القيم والأخلاق الفاضلة فقط، ولكنه أيضا يحفز فيك خلايا الاستهجان مما ترى وتسمع من جنوح حاد نحو تشويه الحقائق، والاستخفاف بوعي الناس، وإشغالهم بالباطل، على حساب الحقائق الدامغة التي يعيشونها، ويستخفون ممن يحاول تشويهها، باللعب على عواطف العامة الذين رغم الرهان على كسبهم إلى صفوف أصحاب تلك الفضائيات، لكنه رهان خاسر، لأن أولئك العامة يدركون أيضا ما وراء الحملات الإعلامية الكاذبة من أهداف مشبوهة لزعزعة أمن المجتمع واستقراره.

المتلقون في العادة ينقسمون إلى فئات حيال ذلك الفحش الإعلامي، فئة ترفض هذا النهج الإعلامي بأبعاده المذهبية والسياسية جملة وتفصيلا لأغراضه الخبيثة ونتائجه الفادحة، وفئة تقبله بحماسة شديدة لأنه يحقق لها أهدافا مذهبية أو أغراضا شخصية لا علاقة لها بالمصلحة العامة، التي غالبا ما تتخذ ذريعة لتبرير هذا الموقف، وهي ذريعة واهية سرعان ما تنكشف عندما تسلط عليها أضواء الحقيقة، فيعود أصحابها بالفشل والخسران المبين، ومن هذه الفئة انتهازيون يميلون مع الريح حيث تميل، وأين ما توجد الفائدة فهم عبيدها دون أي اهتمام بالمجتمع أو بالوطن أو حتى بالمذهب، وهم كالأفاعي التي تبدل جلدها في كل موسم أو كالحرباء التي تأخذ لون جلدها من لون التربة، التي تعيش فيها، ثم هناك الفئة الثالثة التي لا تهتم بما يفعل أو يقال حولها، وكأنها تعيش على هامش المجتمع، ومن هذه الفئة مَنْ يلجأ إلى هذا الموقف تحاشيا للصدام مع إحدى الفئتين السابقتين.

وهذا العنف أو الفجاجة أو التجني أو الفحش أو الإرهاب الإعلامي؟ يتنامى برعاية الدولة للإرهاب والسماح لنبتته بالتمدد، وغالبا ما تجد هذه الدولة ضالتها لتنفيذ مخططاتها في المرتزقة من غير أبنائها أو حتى من أبنائها، ممن يحيدون كرامتهم وعقولهم، ويبيعون أنفسهم ليصبحوا أبواقا تردد ما تمليه تلك الدولة من افتراءات وأباطيل وتزوير لتمرير مخططاتها، التي تعمل عليها ضد جيرانها وغير جيرانها، وإيران هي المثل القبيح لهذا النهج، فهي تبذل في سبيل ذلك الأموال الطائلة للتعريض بجيرانها والإساءة إليهم، لأسباب مذهبية، وعدوانية تقليدية متوارثة وممتدة عبر التاريخ، وليس بعيداً عن ذلك.. الغرور والغطرسة وتغطية عجزها عن تلافي أخطائها وتقصيرها حيال شعوبها، فتلجأ إلى أشد أنواع الهجوم خبثا، وهو التحايل على الواقع، وتشويه سمعة جيرانها، وفبركة الأكاذيب ضدهم والاعتداء الإجرامي عليهم، والكذب والتلفيق عبر عشرات الفضائيات المنتشرة داخلها وخارجها، وكل ذلك التزوير والابتزاز لا طائل من ورائه، لأنه لن يحقق لملالي إيران في النهاية سوى الفشل، ولن يعود عليهم إلا بالنتائج السلبية، التي سيكونون هم أول ضحاياها، فالمجتمعات المحبة للسلام لم تتعود على هذه الأساليب الملتوية للوصول إلى أهداف سيئة، وغايات مستهجنة لدى السواد الأعظم من الناس، لتشهد في النهاية انهيار قلاعها في الخارج واحدة تلو الأخرى، كما يحدث الآن في لبنان وقبله في العراق، وفي الطريق سوريا واليمن، إضافة لما تشهده إيران الداخل من ثورات تقوم بها معظم شعوبها المحرومة من أبسط حقوقها المشروعة، مما جلب عليها سخط المجتمع الدولي، ورفض العالم لسياساتها العدوانية.

وتجاه هذا التمادي في الباطل لابد للفضائيات الوطنية من التصدي لرد هذا الباطل، الذي لا يعبر إلا عن يأس ملالي إيران في بلوغ أهدافهم، وعجزهم عن فهم الواقع، والانسجام مع المواقف العادلة إقليميا ودوليا. والتمادي في الباطل هو سلاح العاجزين، وفي النهاية، على الظالم تدور الدوائر.