محمد العصيمي



سبق أن كتبت عن أخلاق بعض من يحسبون أنفسهم على المتدينين، وكيف تفاجئني وقاحتهم وجرأتهم على الشخصنة وفجرهم بالخصومة. لا تكاد أي جماعة أو فئة تغلب هؤلاء «المدعين» في قاموس السباب والشتائم والقذف. ولا تكاد أي جماعة، أيضا، تبزهم في مناصرة بعضهم البعض على ارتكاب مزيد من فحش القول وعنف الألفاظ والتوصيفات. وكل ذلك يحدث لأنك فقط قلت رأيا أو سلكت سلوكا لا يتفق مع رأيهم وسلوكهم وذهبت في اتجاه ليس اتجاههم. يعني إما أن تكون على نفس الجادة وإلا سيضربونك، بكل ما يملكون من أسلحة العنف اللفظي، في أصلك وفصلك وأهلك وكينونتك وقيمتك البشرية، وسيشككون في دينك وعقيدتك إلى أن تثبت العكس في «محاكمهم الشخصية».

الدين الذي أعرفه، ويعرفه كل عاقل، هو الذي يهذب النفوس ويشذب الأخلاق ويرفع من منزلة تعاملاتك وتصرفاتك وألفاظك ونقاشاتك. وما نشاهده ونتعرض له على وسائل التواصل الاجتماعي، ليس له علاقة بالدين، وليس لقائله أو ناقله حظ من أخلاق الإسلام وسماحته وما يُفترض من رقي المنتمين إليه. أنت، بمثل هذه التصرفات السيئة والوقاحات الطافحة، تسيء إلى نفسك أولا وتُعرض دينك الراقي إلى مزايدات ومشاحنات تضر سمعته وسمعة كل من ينتمون إليه ويعتزون بتعاليمه ووصاياه.

وللعلم فإنك حين تكون سيء الخلق أو تتواقح أو تسب أو تشتم فإنه لا يُنظر إليك، من المسلمين العقلاء بالذات، باعتبارك مسلما يدافع عن دينه، بل يُنظر إليك باعتبارك عديم تربية نشأت في بيئة أسرية لم تسعفها طبيعتها بأن تجعل منك إنسانا جيدا يحترم نفسه ويحترم الآخرين ويتعامل معهم ومع آرائهم برقي ومسؤولية. الوقاحة والشتائم بضاعة المفلسين الذين يُخيل إليهم أنهم بمثل هذه الألفاظ والممارسات يُحسنون صنعا، بينما هم في الحقيقة، في علمهم وثقافاتهم وأخلاقهم، بعيدون كل البعد عن ما يحث عليه الدين من حسن تعامل وخلق وإنصاف: «ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء».