محمد حمد الصويغ



جاء في النص القرآني الشريف من سورة الأنبياء «وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ» وجاء في الأثر «أن خاتم الأنبياء والرسل عليه أفضل الصلاة والسلام مر بسعد بن أبي وقاص وهو يتوضأ فقال: ما هذا السرف يا سعد؟ قال: أفي الوضوء سرف؟ قال: نعم وإن كنت على نهر جار»، وفي هذا الحديث الشريف توجيه للأمة الاسلامية بتحريم أو كراهية التبذير والإسراف في كل ما زاد عن حاجة الإنسان وأهمها الماء الذي يمثل سر الحياة على الأرض، ورسولنا الكريم هو القدوة الحسنة لأمته حيال ترشيد استهلاك الماء حيث يقاس الترشيد أثناء الوضوء بسائر استخدام الأفراد والمجتمعات للثروة المائية وهي ثروة لا بد من المحافظة عليها عن طريق استخدامها الاستخدام الأفضل والأمثل، فنضوبها وارد في أقطار وأمصار ليس بها أنهار جارية ومياه صالحة للشرب.

وما أردت بهذه الديباجة التي طرحت من خلالها الآية القرآنية والحديث الشريف إلا الإشادة بإطلاق البرنامج الوطني لترشيد المياه بالمملكة أولى حملاته الكبرى لتوعية المجتمع السعودي بأهمية ترشيد استهلاك المياه، وهو ترشيد يرتبط بطريقة عضوية ومباشرة بطرائق استخدام هذه الثروة الغالية وعدم التفريط فيها، ومشاركة المجتمع في التقليل من استهلاكه لهذه الثروة تستدعي بالضرورة تعريف أفراده بمفهوم الترشيد وأبعاده الهامة تحقيقا لاستدامة المياه لأجيال قادمة، والتعريف هنا يقتضي استخدام الأجهزة الحديثة للحد من الإسراف وتطبيق أساليب الترشيد بشكلها الصحيح للوصول إلى الغاية المنشودة المتمحورة في المحافظة على هذه الثروة.

ولا شك أن التفاعل الإيجابي مع تلك الحملة الكبرى وغيرها من الحملات المقبلة هو الأمل المرتجى في مجتمعنا الذي عرف بحمد الله وفضله بتحليه بالسلوكيات الإسلامية القويمة التي تنهى عن الإسراف والتبذير واستخدام الثروة المائية بطرق غير صائبة من خلال سلوكيات خاطئة تعود بالضرر على أفراد أي مجتمع من المجتمعات البشرية ويقوم البرنامج الوطني لترشيد استهلاك المياه في بلادنا بدور فاعل وأساسي لترشيد استخدام هذه الثروة بالتعاون المثمر مع كافة الجهات ذات العلاقة، وهو دور محمود انعكست آثاره على الجهد الداعم لتحقيق أفضل صورة من صور التكامل للوصول إلى الغايات والأهداف المنشودة من الترشيد.

وتحقيق ذلك التكامل يكمن في التمسك بالمواصفات المتعلقة بالترشيد وأعني بها الأدوات الصحية التي لا بد من استخدامها بتوسع، فتلك مواصفات يجدر التقيد بها من قبل المصنعين والموردين من جانب، ولا بد من أهمية استخدامها من قبل كافة أفراد المجتمع من جانب آخر تحقيقا لهدف تلك الحملة الأولى وكافة الحملات التي من شأنها الوصول إلى أهمية تغيير السلوكيات الخاطئة في استخدام تلك الثروة إلى سلوكيات صحيحة من أهم أساليبها استخدام الأدوات الصحية المرشدة، وهي أدوات ينبغي تعميمها في كل المنازل والمرافق العامة والخاصة.

وأظن أن حملات توعية المجتمع بأهمية ترشيد المياه وتغيير سلوكيات استخدام الثروة المائية جديرة بالاهتمام والتطبيق غير أن من الأهمية بمكان - في ظل تلك التوعية والمطالبة بالتغيير - اللجوء إلى فرض عقوبات رادعة لمنع التجاوزات التي من شأنها إهدار تلك الثروة والإصرار من بعض أفراد المجتمع «وهم قليلون» على التهاون بقيمة المياه وأهميتها وضرورة الحفاظ عليها، فعدم استخدامها بطرق صحيحة قد يؤدي إلى نضوبها مما يضر بالأجيال الحاضرة والقادمة.