كلمة اليوم

فرض الغزو التركي للشمال والشرق السوري جملة من التحديات، من بينها احتمالات عودة تنظيم داعش مجددا إلى الواجهة، بعد أن وفر له اجتياح القوات التركية للتراب السوري، وخربطة ديموغرافيا المنطقة، وما صاحبه من تداعيات، فرصة سانحة للعودة لاستئناف نشاطه عبر خلاياه النائمة في غير مكان في كل من سوريا والعراق، وأيضا عبر عناصره سواء من هم في السجون، أو من لجأوا للغرب السوري، أو أولئك الذين كانوا يخضعون لقيود في تحركاتهم في المخيمات السورية من قبل قوات سوريا الديمقراطية، حيث من المعروف أن الأكراد كانوا هم الذين يضطلعون بمهمة مراقبة المعتقلين من التنظيم، ويحدون من حرية تنقلاتهم إلى ما قبل الغزو التركي الذي مهد الطريق تماما للدواعش لإعادة ترتيب أوراقهم، خصوصا في ظل الانسحاب الأمريكي، وتحول سوريا إلى دولة فاشلة، مما كشف الساحة السورية تماما أمام التنظيمات المتطرفة، حيث جاء هذا الغزو، سواء كان ذلك بالترتيب بين حكومة أردوغان وتنظيم الدولة، أو من دونه ليشعل الضوء الأخضر أمام التنظيم لأن يطل برأسه من جديد، ولينسف بذلك كل الجهود الأممية التي بُذلت لضربه، والحد من خطورته.

وقد سبق أن أشار تقرير المفتش العام للبنتاغون عن سوريا خلال الأشهر القليلة الماضية إلى قلق القيادة العسكرية الأمريكية في المنطقة إزاء تطرف الأشخاص داخل مراكز الاحتجاز، وقال إن هذه المراكز محمية فقط من الخارج بمعنى أنه لا توجد رقابة دقيقة على تصرفات المحتجزين، وأشارت تقارير أخرى إلى أن الأكراد كانوا يراقبون ما يربو على 70 ألفا من المعتقلين من فلول التنظيم، والآن وبعد الغزو التركي من المرجح أن تعيد قوات سوريا الديموقراطية انتشارها بعيدا عن مناطق داعش للبحث عن مواقع آمنة لها ولأسرها، مما يعني أن كل الطرق باتت بهذا الغزو التركي ممهدة لعودة الدواعش لإيقاظ تطلعاتهم في بناء دولة الخلافة، خاصة وأن استراتيجية الأتراك كانت فيما يبدو ترتكز على محورين.. الأول إبعاد قوات «قسد» عن الحدود المتاخمة لبلادهم، والثاني، وهو احتمال قوي جدا، هو وصول تركيا إلى منابع النفط السورية لخدمة أحلام أردوغان، وقد تكون هنالك صفقة ما بهذا الشأن، خاصة وأن السياسة التركية لا تجد أي غضاضة في قتل القتيل ومن ثم السير في الجنازة، وهاهي تبيع وتشتري بقضية فلسطين فيما هي تبرم الاتفاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية مع تل أبيب في وضح النهار.