إبراهيم باحاذق



ما فتئ المعلم منارة تهدي الحائرين وترشدهم إلى طريق العلم والنور، ورثة الأنبياء كما نحب دائمًا أن نقول، ليست مقولة عابرة وإنما هي معبرة أشد التعبير عما يقع على كاهل هؤلاء البشر من مسؤوليات جسام تجاه ألوف من البشر حولهم وربما ملايين.

إن مهمة تنشئة الأجيال وبنائها ثقافيا ومعرفيا لشيء جليل وشديد الصعوبة خصوصا في ظل ما يعتور المجتمع حاليا من تحولات عظام، من مثل استتباب الأمر للتقنية وصورها المتعددة من وسائل تواصل اجتماعي وغيرها، وهو الأمر الذي وضع الأجيال الجديدة أمام تغيرات عميقة على مستوى التلقي والفهم وإيصال المعلومة ونحو ذلك.

من هنا فإن التحدي الذي يواجهه المعلم حاليا فيما يتعلق بإيصال العلم إلى الأجيال الناشئة والتشكل أمامهم في صور تقربه منهم وينجذبون له، هو تحدٍ جسيم وصعب، ويحتاج معه إلى دعم قدرات المعلم التربوية بما يكفي كي يحقق مبتغاه في تنشئة صحيحة ومرور مثالي بالطلاب إلى ضفاف المعرفة والفهم القويم الذي يبنى عليه.

إن دعم قدرات المعلم التربوية والفنية يكون من خلال تدريبه وتطويره ووصله أكاديميا وتطبيقيا بأحدث ما تمتلكه الساحة العالمية حاليا من أدوات ووسائل، لا نتحدث هنا عن خطط التدريب التقليدية التي تضيع معها أوقاته دون طائل، وإنما نتحدث عن تدريب حقيقي يساهم في رفع جاهزيته للتعامل مع الأجيال الناشئة بكل ما تشتمل عليه حاليا من اختلافات عميقة عما سبقها من أجيال.

رائع جداً أن يكون للمعلم يوم عالمي يتم فيه الاحتفاء به والتذكير بقيمته وما يمارسه من دور فعال في بناء حاضر الأمة ومستقبلها، لكن أرى أن الاحتفاء الحقيقي بالمعلم وتكريمه لا يكون بتخصيص يوم له، وإنما بإعطائه حقوقه ورفع هامته وسط أقرانه من المهن الأخرى، ووضعه بقوة لدى مكانته الاجتماعية التي يستحقها، وتحفيزه كذلك بكل الطرق الممكنة، التي تعبر عن اهتمام حقيقي به وبما يقدمه من دور في هذه الحياة.

من جهة أخرى، على المعلم في يومه هذا أن يستذكر أصل رسالته ومدى سموها ورقيها، وأن يبذل في سبيل ذلك كل الجهد الممكن من أجل تطوير ذاته ورفع كفاءته بما يتوافق مع ما تفرزه الحياة من تغيرات تستوجب عليه تنويع طرق التدريس من حيث الاعتماد أكثر على الوسائل التفاعلية والتطبيقية.

كلما أنظر إلى أجواء التفاؤل والعمل الدؤوب التي وضعنا فيها سيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان عبر رؤية المملكة 2030، أدرك جيدا أننا نسير قدما صوب عصر جديد نخطه بأيدينا وبأيدي المخلصين من أبناء هذا الوطن، عصر ملؤه الإنجاز والأهداف العظيمة التي ستكون عما قريب ذخرا لنا ولكل الأجيال القادمة، الأمر الذي يستلزم على كل منا في مهنته ودربه العملي إتقانا وإخلاصا، وسيرا حثيثا في اتجاه إصلاح كل ما نراه خاطئا في مجالاتنا المختلفة.