د. عبدالوهاب القحطاني



تتطلب أخلاقيات الشركات الدوائية حول العالم الكثير من العمل من جانب الحكومات وحماية المستهلك، لحماية الاقتصاد والمستهلك من جشعها وسوء الإدارة والاحتكار. الضرر على الاقتصاد يكون في ناحية الجودة والمنافسة غير العادلة والأسعار المرتفعة ومنهجية اقتصاد السوق، وذلك عندما تحاول شركة كبيرة على سبيل المثال المنافسة على أساس السعر المنخفض الذي ربما يكون أقل من التكلفة أو نفس التكلفة لتفلس الشركات التي لا تستطيع المنافسة على هذا الأساس. الضرر على المستهلك يكون عندما تحتكر هذه الشركات السوق بعدما يقل عدد المنافسين وتقل الخيارات والجودة وترتفع الأسعار، وذلك بسبب الاحتكار.

ولا تقتصر أخلاقيات المهنة على قطاع محدد، بل تشمل قطاعات صناعية وتجارية وخدمية ذات علاقة بصحة وسلامة المستهلك مثل الصناعات الغذائية والصناعة الدوائية وصناعة الأجهزة الكهربائية. ولا نستغرب تركيز الشركات المتميزة على أهمية أخلاقيات المهنة بعدما انكشفت للمستهلك منتجات كثيرة تحوي مخاطر صحية تؤدي إلى مرضه وموته، فتتحسن الصورة الذهنية للشركات التي على مستوى عال من أخلاقيات المهنة.

ولأهمية الدواء في حياتنا فقد رأيت ضرورة التركيز في مقالي على الشركات المنتجة لمختلف الأدوية فقد استغل بعض المنافسين تشويه سمعة الشركات الأخرى المنافسة بالتسويق غير الأخلاقي لتتكبد تكاليف باهظة تؤدي إلى إفلاسها وبالتالي تسيطر الشركات المنافسة على سوق الأدوية وتستغل الفرصة لإنتاج دواء بديل على حساب دواء الشركة التي تضررت من سوء السمعة المزعومة.

يركز التسويق الاجتماعي الحديث على المسئولية المجتمعية والتعامل الأخلاقي مع الزبون، وذلك لأنه، أي التعامل الأخلاقي، أصبح أحد مصادر القوة التنافسية بين الشركات في سوق السلع والخدمات ومنها سوق الأدوية البالغ الأهمية. ومن الأهمية قيام الهيئات الحكومية المعنية بالشأن الأخلاقي في العمل على تخصيص إدارة تهتم بالتعامل مع قضايا خطط التسويق المنافية لأخلاقيات المهنة.

ولقد طالب المدافعون عن المستهلك بالضوابط التي تحكم إعلانات الترويج التسويقي لشركات الأدوية، حيث قامت كل من هيئة الدواء والغذاء الأمريكية وحماية المستهلك الأمريكية بتشريع الكثير من الأنظمة والقوانين التي تحمي المستهلكين، لكن بعض شركات الأدوية تستخدم الطرق الملتوية للإساءة للمنافسين من غير ملاحقة قانونية لأنها لا تكون في الواجهة إنما تستخدم أفرادا يروجون لسوء سمعة دواء معين منافس إما باستخدام معلومات إحصائية مضللة عن نسبة بسيطة من المرضى الذين تضرروا من تناوله، وهي نسبة لا تكاد تذكر أو بنشر شائعة من مصدر غير موثوق عن الجانب السلبي للدواء.

إن تسويق المعلومات المضللة عبر قنوات محترفة يعد أسلوبا يبعد المنافسين عن القضايا القانونية، بحيث تكون المعلومات مبنية على معلومات متحيزة مختارة بعناية للإساءة للدواء المستهدف. وهذه القنوات تدس السم في العسل وكأنها تعنى بالمستهلك والحقيقة أنها تخوفه نفسيا عندما تطلق الشائعة عن الأضرار المزعومة للدواء.

للهيئات الحكومية أهمية في إصدار التقارير الموثقة عن صلاحية أو خطورة الدواء مثل هيئة الدواء والغذاء الأمريكية. أما في المملكة فإن هيئة الدواء والغذاء السعودية تصدر بين الحين والآخر تحذيرات دوائية، بل تسحب بعض الأدوية من الصيدليات بعد ثبوت خطرها. أما شائعات التسويق المضللة فيجب توخي الحذر منها لأن أهدافها غير نزيهة. وعلى المريض أن يستشير طبيبه في حال نشر أي خبر عن تبعات سلبية لدواء ما لأن طبيبك يعرف عنه الكثير ويحرص على صحتك.