عبدالله الغنام



دخلت لائحة الذوق العام حيز التنفيذ مع بداية الأسبوع الحالي. وهي خطوة إيجابية وفعالة من أجل ضبط مخالفات المشهد والذوق العام في الطرقات والأماكن العامة التي يرتادها المواطنون والمقيمون، وكذلك السائحون والزوار للمملكة.

والأماكن العامة قد تشهد من وقت إلى آخر بعض التصرفات الخارجة عن المألوف والآداب العامة. وقد يبدر من فئة سلوكيات فيها شيء من الرعونة والطيش في الأقوال أو الأفعال، وهذه التصرفات الخاطئة قد لا تليق بمجتمعنا المعروف عنه الاحترام والمحافظة على السلوك العام، والمشهور عنه ثقل ووزن الأعراف والسلوكيات المتزنة والمحافظة، والتي ترسخت من جيل إلى آخر وأصبحت صفة ملازمة له. والكاتب أحمد أمين -رحمه الله- قد قال: «ولكل أمة في هذه الشؤون ذوقها يميزها من غيرها ويضعها في درجة خاصة من سلم الرقي».

ولكن يظل لكل قاعدة شواذ أو استثناءات، حيث يقوم البعض بتصرفات تخدش الذوق العام أو تضر الآخرين أو تكون هوجاء وغير لائقة وخارجة عن المعروف والمألوف. ومن هنا يأتي أهمية هذه اللائحة لضبط الناس بشكل عام عن المخالفات أو الأخطاء. والغرامات المالية بصفة عامة هي رادعة لكثير من السلوكيات المخالفة للذوق العام، وكما قيل: المال عديل الروح. وإن كان البعض للأسف يحتاج إلى أشد من ذلك!، ولكن هي مسألة وقت ليتعود الناس على هذه اللوائح لتصبح بعد ذلك ظاهرة عامة، ويحترم الناس تلك القوانين ولتصبح صفة عامة وسائدة.

واللائحة تشتمل على عدة تصنيفات للمخالفات وعدة عقوبات مترتبة عليها. وهي تشمل 19 مخالفة وتتراوح الغرامات من 50 إلى 3000 ريال في جدول العقوبة للمرة الأولى. أما في حال تكرار بعض المخالفات، فقد تصل الغرامة إلى 6000 ريال في مثل حالة تكرار التصرفات الخادشة للحياء. وقد وجهنا ديننا الحنيف في هذا الشأن حيث جاء في الحديث النبوي الشريف: «الحياء لا يأتي إلا بخير».

‏وتشمل مخالفات الذوق العام والمنصوص عليها في اللائحة، التصرفات الخادشة للحياء التي تتضمن تصرفات ذات طبيعة جنسية، وتشغيل الموسيقى في أوقات الأذان وإقامة الصلاة، ورفع صوت الموسيقى داخل الأحياء السكنية. ومثل هذه التصرفات ينبغي أن نكون في منأى عنها لما فيها من الإساءة للصورة العامة للمجتمع.

وشملت اللائحة أيضا مخالفات مثل: الكتابة أو الرسم على وسائل النقل، أو على جدران الأماكن العامة أو مكوناته أو موجوداته دون ترخيص، وإلقاء النفايات في غير الأماكن المخصصة لها أو ارتداء اللباس غير اللائق في الأماكن العامة، وكذلك الملابس الداخلية أو النوم، والملابس التي تحمل عبارات أو صورا أو أشكالا تخدش الحياء. ولاشك أن احترام الذوق العام في اللباس هو أمر مطلوب، وهو من باب المحافظة على الصورة الحسنة للمجتمع. وقد مر زمان كان فيه الخروج بدون غترة أو شماغ على الراس منقصة، بل كان في جيل الذي قبلنا يرى أن الخروج بغير المشلح (البشت) هو عيب!. وصحيح أن اللباس يتغير مع الزمن والأجيال، ولكن لابد أن يكون هناك حد أدنى من اللباقة والقبول في نوعية اللباس الذي يحافظ على الطابع العام والهوية العامة للمجتمع.

وتضم اللائحة كذلك مخالفات التلفظ بقول أو الإتيان بفعل في الأماكن العامة فيه إيذاء أو إخافة لمرتاديها أو تعريضهم للخطر. ويأتي هذا الإطار العام لحفظ اللسان، وقد جاء في الحديث النبوي: «ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء». وكل ما جاء ذكره ممكن أيضا أن يندرج تحت القاعدة العامة: «لا ضرر ولا ضرار».

والباحث عن التفاصيل يمكنه الرجوع إلى المواقع والصحف الرسمية لقراءة كامل القائمة بالتفصيل في تصنيف مخالفات لائحة المحافظة على الذوق العام والغرامة المحددة لكل منها.

ولكن المقصود هو أن تصب هذه اللائحة في ضبط السلوكيات العامة للمجتمع، والمحافظة على شكله العام، والحد من التصرفات الرعناء والطائشة لدى البعض والتي أكيد لا تمثل الكل وهي أيضا ليست الصبغة العامة للمجتمع.