كلمة اليوم

ترحيب رئيس البرلمان الإيراني بالرغبة السعودية في حل الخلافات الناشبة في المنطقة، وأن الأبواب مفتوحة للوصول إلى تلك الغاية هو ترحيب قد يحاط بموجة من الشكوك نظير استمرارية النظام الإيراني في دعم الميليشيات الحوثية الإرهابية في اليمن، والإصرار على تحريك عملائه في المنطقة للعبث باستقرارها وأمنها وسيادتها، وهو تحريك عبثي مازال يؤدي للتشكيك في نوايا النظام حيال الحل السلمي، فالحوار السعودي الإيراني هو الحل الأمثل لحلحلة سلسلة من المشاكل الأمنية المعلقة في المنطقة؛ شريطة التزام النظام الإيراني بمقتضيات الحوار ومستلزماته التي لا تخفى على أي مراقب سياسي، وأهمها التوقف فورا عن دعم التنظيمات الإرهابية في المنطقة وعلى رأسها الميليشيات الحوثية في اليمن.

ولابد أن يلتزم النظام بما يتفوه به مسؤولوه من تصريحات، فالدعوة الإيرانية لتشكيل نظام أمن جماعي خاص بالخليج بمشاركة جميع الدول الخليجية، هي دعوة قد تبتعد عن الشكوك إن كان النظام صادقا بالفعل في ترجمته لهذه الدعوة على أرض الواقع، وعدم التملص من أي تصريح قد يتحول إلى شعار إعلامي مرفوع ولا أصل له من الواقع، فإذا كانت إيران مستعدة بالفعل للحوار مع المملكة فلا ينبغي الركون إلى أخلاق «سلوكيات» لا أساس لها من الصحة، فالمملكة ماضية في تحقيق ثوابتها السياسية الواضحة، ومنها الدعوة لعودة الشرعية اليمنية ووقف عبث الميليشيات الحوثية بأمن اليمن والمنطقة.

والمملكة تسعى دائما لخيار السلام وتبتعد تماما عن خيار الحرب، وهو مسعى أعلن عنه مؤخرا صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله- في تصريحات صحفية، ويبقى على النظام الإيراني الالتزام بهدف السلام وتحاشي الانغماس في دعم المنظمات الإرهابية بالمنطقة، فالمصلحة تقتضي بالضرورة تشكيل قوة بحرية دولية لحماية ناقلات النفط والمنشآت النفطية من أي عدوان محتمل، وهو تشكيل جاء بطبيعة الحال عقب الاعتداءات السافرة من قبل النظام الإيراني على تلك الناقلات والمنشآت.

السلام في المنطقة هو ما تدعو إليه المملكة، وليس بخاف على ساسة طهران أن قيام حرب في المنطقة يمثل كارثة كبرى على الاقتصاد العالمي وسوف يؤثر على إمدادات النفط للعالم ويؤدي إلى وصول أسعار النفط إلى أرقام خيالية وغير مسبوقة، فالخيار الصائب من وجهة نظر دولية وإقليمية هو التوجه إلى حلحلة أزمات المنطقة سلما، وليس من مصلحة النظام الإيراني التلويح بالحرب لأنها سوف تقود العالم بأسره إلى كارثة كبرى، ولا مناص إن رغبت إيران في التسوية إلا الشروع في مفاوضات فاعلة لإحلال السلام في المنطقة عوضا عن الحرب.