محمد الغامدي - الدمام

السياسات الضريبية تخضع لمراجعات مستمرة

أكد تيم كالين رئيس بعثة صندوق النقد الدولي للسعودية، لـ«اليوم» أن معدل ضريبة القيمة المضافة المقدر بـ5% في المملكة، هو معدل بالغ الانخفاض، ومن أدنى المعدلات الضريبية في العالم، مشيرا إلى أنه في حال زيادته إلى 10%، فسيظل من أدنى المعدلات الضريبية في العالم أيضا.

وأوضح أن الافتراض الذي تقوم عليه توقعات الصندوق بشأن أسعار النفط يبلغ متوسط سعر البرميل فيه 64 دولارا في عام 2020، مشيرا إلى توصية الصندوق للمملكة، برفع ضريبة القيمة المضافة إلى 10 %، إذ إنه من المهم في رأيه أن تواصل الحكومة تقليص عجز المالية العامة والحد من اعتمادها على الإيرادات النفطية في السنوات القادمة.

وأوضح أن عجز المالية العامة، لا يزال كبيرا في مواجهة تقلب سوق النفط، ما يجعل الإيرادات التي تحققها مبيعات النفط غير مؤكدة، موضحا أن رفع ضريبة القيمة المضافة هو إجراء أوصى به الصندوق للمساعدة في تحقيق خفض أكبر في عجز المالية العامة على مدار الخمس السنوات القادمة مؤكدا لم نقترح ضرورة تنفيذه على الفور.

وأكد تيم أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة في المملكة أتاح لها تحقيق إيرادات إضافية جيدة، مستطردا: وتشير التجارب الدولية إلى الفعالية الكبيرة التي تتسم بها هذه الضريبة كأداة لزيادة الإيرادات الحكومية.

وشدد على أهمية ضمان حماية الأسر منخفضة الدخل من الآثار السلبية للإصلاحات على دخولهم، مشيرا إلى أن أي زيادة في سعر ضريبة القيمة المضافة ينبغي أن يقترن بتعويض ملائم لهذه الأسر.

وأوضح أن رفع معدل ضريبة القيمة المضافة إلى 10% من الممكن أن يحقق للدولة إيرادات إضافية تعادل 2% تقريبا من إجمالي الناتج المحلي. فإذا افترضنا زيادة المعدل إلى 10 % لعام 2024، يمكن أن تبلغ الإيرادات الإضافية حوالي 70 مليار ريال.

من جانبه علق المحلل الاقتصادي عبدالرحمن الجبيري على توصية صندوق النقد برفع قيمة ضريبة القيمة المضافة، بقوله إنها «مشورة» ما يعني انها ليست ملزمة لأنهم ينظرون إلى ذلك من باب توفير سلسلة من الحلول لتخفيض العجز ضمن المنظور المالي فقط وليس الاقتصادي بمعاييره الواسعة والممكنة، في حين أن المملكة لديها قدرات واسعة من الحلول التي تمكن الاقتصاد من مواصلة توسعه ونموه.

وأكد الجبيري أنه عندما وجدت المملكة، إشكالية في ارتفاع أسعار المعيشة والطاقة، وضعت في المقابل حلولا مناسبة تمثلت في صرف بدل غلاء وحساب المواطن، ما أسهم في التغلب على التداعيات السلبية لفرض الضريبة، مضيفا: ما يعني أن الحكومة تضع مصلحة المواطن في الخامة الأولى لاهتماماتها وفق ما أكدته رؤية المملكة 2030، وتعمل دائما على خلق التوازن للمواطن بين الدخل والإنفاق.

وأشار المحلل الاقتصادي إلى أن السياسات الضريبية تخضع لمراجعات مستمرة من قبل المملكة ضمن معايير وإستراتيجيات وفق منظومة موحدة ومشتركة مع دول الخليج العربي، مطالبا في ذات الوقت المهتمين بالتحليل الاقتصادي بالعمل المنهجي الموضوعي لأطروحاتهم وتوظيف معطياتها التفاؤلية بما يخدم الاقتصاد والوطن، خاصة أن المؤشرات الاقتصادية العالمية والتقارير الداخلية التي تصدر من الجهات الرسمية تؤكد على مواصلة نمو الناتج المحلي الإجمالي والتوسع الكبير في الاستثمارات والإنفاق الحكومي على المشاريع التنموية يتعاظم ويزدهر وموجودات وملاءات البنوك والسيولة عالية، فالجميع اليوم شريك في عملية البناء والتطوير على أسس متينة من الجودة والاستدامة والتنوع الواسع في قاعدة الاقتصاد. وأضاف: إن تنوع الخيارات والحلول الاقتصادية والأدوات التي يمتلكها الاقتصاد السعودي لمواجهة أي تحديات مستقبلية وأيضا ممكنات التوسع الاقتصادي والإنفاق الاستثماري يسير بوتيرة متناغمة مع متطلبات المرحلة، كما أن حوافز الإنتاج الصناعي والتصديري دخل مرحلة ستعزز من قدرة الاقتصاد على توليد المزيد من الفرص بتوظيف كافة معطيات الأداء على نحوٍ من العوائد الإيجابية.

في نفس السياق قال المحلل الاقتصادي الدكتور إياس بارود، إن توصية «النقد الدولي» بزيادة نسبة ضريبة القيمة المضافة تستهدف تعزيز الدخل وتقليص المصروفات، مشيرا إلى أن مثل تلك التوصيات تقدم لجميع أعضاء الصندوق.

وأشار بارود إلى أن هذه التوصيات تبقى غير ملزمة، وتواكب المستجدات العالمية بانخفاض أسعار البترول، مضيفا: إن هناك صعوبة بل عدم إمكانية بحسب وجهة نظره، في تطبيقها لأن الاقتصاد وخصوصا القطاع الخاص لا يزال تحت الضغط ويعاني من التغيرات الحالية ويحتاج إلي وقت أطول للتكيف واستيعاب الوضع الحالي ولا يمكن رفع الضريبة بهذا الشكل، لأنه سيخلق إشكاليات أخرى مالية واقتصادية واجتماعية.