مها العبدالهادي - الدمام

سياسيون يحذرون من الانجرار خلف إيران

تسببت الضربات الإسرائيلية الأخيرة على مقرات ومخازن أسلحة لميليشيات «الحشد الشعبي» في العراق، بخلق انقسامات وخلافات بالمواقف والقرارات بين قياداتها العليا، وهذا بدا واضحًا من خلال تصريحات رئيس الهيئة ونائبه؛ ما ينبئ عن توريط البلاد في صراعات إيران.

ويقول المحلل السياسي العراقي غانم العابد لـ«اليوم»: إن الانقسامات بدأت أولًا بين الحشد والحكومة، وبعدها بين القادة الميدانيين والسياسيين، موضحًا ذلك بالبيان الذي أصدره أبو مهدي المهندس، نائب رئيس «الحشد»، واتهم فيه إسرائيل بمسؤوليتها عن ضرب مخازن الأسلحة، وبعدها بساعات أصدر رئيس الهيئة فالح فياض بيانًا ينفي فيه ما جاء في بيان نائبه، وقال: إنه لا يمثلهم.

» تناقض وفبركة

وأضاف العابد مستغربًا: الموقع الرسمي للحشد نشر بيان المهندس، وتجاهل عمدًا بيان الفياض!،

وذكر بيان آخر لـ«المهندس»، أعلن فيه تشكيل قوة جوية، وبعده بيوم أنكر «فياض» البيان، ووصفه بـ«المفبرك».

واستطرد العابد في حديثه قائلا: إن إيران تستخدم أذرعتها في صراعها مع الولايات المتحدة ومع إسرائيل، وأضاف: بعض قادة الحشد والموالين لإيران يسعون إلى إحراق العراق، ويواصل: لا يمانعون من جرّ البلاد لحربٍ لا ناقة له فيها ولا جمل، وجعلها ساحة للتصعيد الإيراني، وشدد العابد: هذا ما نرفضه.

وفيما يخص دور الحكومة العراقية، أعرب العابد عن أسفه من موقفها الضعيف جدًا، كما وصفه، مضيفًا: لا أستبعد سقوط الحكومة العراقية، فهي مسألة وقت لا أكثر في ظل الأحداث الواسعة التي تحدث في العراق، والسخط الشعبي عليها.

» أوامر سليماني

من جانبه، أوضح السفير العراقي السابق في باريس د. غازي فيصل، وجود 34 مجموعة من أصل 74 ميليشيا تتبع للحشد الشعبي، ولا ترتبط فعليًا بقيادة القوات المسلحة، بل تلتزم بأوامر قاسم سليماني، وتتبع المرشد في «قُم» الإيرانية.

مشيرًا إلى أنها تنفذ قرارات ما وراء الحدود، ويقول: توجد ميليشيات عراقية في سوريا بجانب أخرى أفغانية وإيرانية تتلقى أوامرها من طهران، وهذا يشكّل ما يُسمى بالتهديد الخطير للأمنين الوطني والإقليمي، ويُعدّ خروجًا على القوانين العراقية؛ إذ يعتبر تخابرًا مع دولة أجنبية، وبالتالي يجب أن يخضع للقضاء، وأضاف إن هذه الجماعات لا تؤمن بالجانب الوطني، وضد فكرة الدولة، بل تؤمن بدولة طائفية عالمية.

ولفت د. فيصل إلى أنه لا توجد اليوم في العراق إستراتيجية موحّدة للدولة على صعيد الأمن الوطني، بل توجد ازدواجية في صنع القرارَين الأمني والعسكري، وقال: إن بالعراق نظامًا هشًّا لدولة فاشلة، وأحد عناصر فشله الازدواجية، ويضيف: إن الحكومة في وضع صعب، فهي من ناحية حليف إستراتيجي للولايات المتحدة، وبنفس الوقت لا تملك السيطرة على الميليشيات التي أعلنت جاهزيتها لمهاجمة المصالح الأمريكية في البلاد والشرق الأوسط.

» الرد الحاسم

وفي السياق، شدد المحلل السياسي العراقي إياد العناز، على عدم وجود رد حاسم وإيجابي من حكومة بغداد تجاه تصرّفات الحشد الشعبي، فما زالت هذه الميليشيات هي مَن تقرّر مصيرها ومصير الدولة، ولا تسمح للمؤسسات الأمنية والعسكرية بالتدخل في شؤونها، ولا تنصاع للقرارات الرسمية التي تتخذها الحكومة.

مؤكدًا على ضعف الحكومة، وأنها ستبقى أسيرة للتوجّه والمشروع الإيراني في العراق، وقال العناز: إن المشروع الإيراني له أدواته ووكلاؤه في العراق، متمثلًا بالميليشيات المسلحة التي يُرتكز عليها في تنفيذ المشروع الذي يتخذ من العراق أرضًا للانطلاق نحو الأقطار العربية.

وقال العناز: إن المشروع المستلب من طهران يسعى إلى تنفيذ أجندته الخاصة، مما يجرّنا إلى متاهات كثيرة إن لم نقل «إلى حرب بالإنابة»، وزاد: هذا ما نراه الآن في النفوذ والهيمنة الإيرانية على كافة مرافق وميادين الحياة في العراق، ومنها القدرة والسلطة التنفيذية للتدخل في الشؤون الداخلية الأمنية والعسكرية في البلاد.