إبراهيم باحاذق

يدور المرء في فلك العالم متنقلًا من مكان لآخر؛ يرى الكثير والكثير، ما بين أنهار وطبيعة خلابة، ومشاهد تشرق بها القلوب، لكن رغم ذلك تظل تلك الأرض الطيبة حاضرة في نفسه، منطبعة في ذاته، لا تفر منه ولا يفر منها، حب فطري ولد معنا وشب ونشأ في رياض قلوبنا، تهتف به النفس وترقرق لأجله العيون فرحًا مع كل انتصار أو تقدم إلى الأمام وحزنًا مع كل مصاب يلم به.

إنه الوطن يا سادة مرفأ القلوب ومستقر الهدوء والسلام النفسي، محظوظون نحن أن نولد في هذه الأرض الطيبة، مستقر الأنبياء ومبتدأ الهدى ومصدر إشعاعه في العالم أجمع، ها هنا مر الأقدمون تاركين بصماتهم الخالدة، نتأملها بكل فخر وأنفة لنقول نعم، نحن التاريخ الذي استقر في أبيات شعرية نابضة بالإبداع، قصائد من ذهب علقت يومًا على لا على أستار الكعبة فقط بل على أستار التاريخ، معلنة لكل من يمر على صفحاتها أننا ها هنا قوم مبدعون بنوا حضارتهم ومجتمعاتهم ذات الروابط المتينة قديمًا ولا يزالون هنا حاضرين، يرنون إلى إعادة مشهدهم وتشييد حضارتهم مجددًا وسط عالم جديد وعصر مليء بالصعاب.

إن تجاوز الصعاب ليس أمرًا جديدًا على مجتمعنا ووطنا، إن أجدادنا الذي عاشوا في بيئات قاسية وتحدوها ونجحوا في تطويعها، نحن منهم وهم منا، وما استطاعوه يومًا نستطيعه اليوم، ونحققه فعليًا عبر خطوات جادة إلى الأمام صوب استكمال لملامح الرؤية الطموحة التي قدمها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، التي هي بمثابة الحلم الذي تدنو حقائقه منا لحظة بعد أخرى.

الوطن جيل يسلم جيلا، وحري بنا وسط العصر الجديد الذي صار فيه العالم قرية صغيرة كما يقولون، حيث الجميع يصل إلى الجميع دون حدود أو قيود، حري بنا أن نؤسس أبناءنا على القيم الوطنية، وأن نعلمهم قيمة هذه المملكة وهذا الوطن الغالي، والذي جميعًا نستظل بأمنه واستقراره وننعم بخيراته الواسعة، إننا لا نحب الوطن لأنه يمنحنا ما نحب من مشاعر استقرار وأمان، إننا نحبه دون سبب ودون انتظار لفائدة قد تأتي الآن أو غدًا، هذا ما يجب أن نغرسه في النشء والصغار، فعلاقتنا بوطننا فطرية وليست نفعية، وإن كان الوطن -بفضل الله- يغدق علينا الخير والنعم التي نشكر المولى عز وجل عليها ونحمده حمداً كثيراً.

كثيرة هي الأطراف الدولية الخبيثة التي لا تريد ذلك اليوم الذي ترى فيها العام 2030 وقد اكتملت للمملكة العربية السعودية منظومتها الاقتصادية والحياتية في أتم ما تكون، لذلك تحاول تلك الأطراف بكل ما استطاعت أن تعطل ركبنا وأن تجرنا إلى مهاترات جانبية، إلا أن قيادتنا تدرك جيدًا ذلك، وتتعامل مع الأمور بحسم وبما تتطلبه من حنكة وجهود، لذلك في تلك الأوقات الدقيقة يجب أن نقف بجوار وطننا وأن نقدم له وللقيادة كل الدعم اللازم كي نمر جميعًا إلى رؤيتنا وأحلامنا.