آمنة خزعل - الدمام

«رقية حزام»، فتاة ظلت تحلم مثل بقية الفتيات بالزوج الصالح، ليكون عونا لها في هذه الدنيا، ويعملا معا على بناء أسرة سعيدة، إلا أن الرياح لا تأتي دائمًا بما تشتهي السفن، فعندما بدأت تجهيز نفسها لعقد الزواج أخبرها شقيقها أن العريس لديه بعض الشروط، وكانت الصدمة أن من بينها أنه لا يريد أطفالًا أبدًا، مشيرة إلى أنها رفضت هذا الزواج لرغبتها في الإنجاب، وأنه بهذا الشرط سيحرمها من هذه الأمنية، التي تتمناها أي فتاة.

حكاية رقية ليست النموذج الوحيد لحالات انتشرت في مجتمعاتنا العربية خلال الآونة الأخيرة متضمنة اشتراط عدم الإنجاب في عقود النكاح للمتزوجين، بما يتعارض مع عقيدتنا الإسلامية، ويخل بطريقة الزواج بشكله الصحيح، وإنما «كوثر الناعس»، فتاة أخرى تعرضت لنفس المشكلة عندما كانت تجهز لعقد الزواج، وفوجئت برغبة زوجها في عدم إنجاب أطفال، وترددت في البداية في قبول الشرط، ولكنها وافقت، ثم شعرت بعدها بالندم الشديد.

» زواج الموضة

من ناحيته، كشف المستشار الأسري عبدالله العنزي، أن الآونة الأخيرة شهدت انتشار ما يسمى بـ«زواج الموضة» وهذا مدته أقل من عام، ومن بين شروطه التي تسجل في عقد النكاح هي عدم الإنجاب أو تحديد مدة الزواج، وفي بداية المسألة تشترط الزوجة على زوجها عدم إنجاب أطفال أو تأخذ موانع للحمل وغيرها، مشيرًا إلى أنه تلقى استشارة قبل أسبوعين وصلت للطلاق بسبب هذه الشروط، وهو ما أدى لكراهية الزوج للحياة وعدم رغبته في الاستمرار مع زوجته.

وأوضح «العنزي» أن الحياة تحتاج إلى البساطة لتسهيل العيش بين الزوجين واستمرارها، مشددًا على خطورة انتشار «زواج الموضة» على المجتمع وما ينتج عنه من انتشار حالات الطلاق.

وتابع: «ولكي أكون منصفا بكلامي، فهناك طبقة ليست بالكثيرة من الرجال من الذين يستغلون هذا الجانب خاصة المتزوجين، فيرغب بالزواج دون الإنجاب لأسباب كثيرة منها مثلا ليعيش حب ما قبل الزواج أو لقهر الزوجة أو الرغبة في عيش حياة العزوبية، ويشترط عليها عدم الإنجاب لمدة محددة وبعدها الانفصال، ولذلك يجب الوعي بخطورة ذلك على الأسرة»، ناصحا الجميع باللطف والتيسير والتسهيل.

» تحذيرات «نفسيين»

وقالت الأخصائي النفسي رانيا أبو خديجة، إن الأمومة هي العطاء الدائم بلا حدود، لذلك المرأة تترقب هذه اللحظة بكل حب وحنان، وأصعب شيء في الحياة هي أن تفقد المرأة حقها في الأمومة وهي قادرة على ذلك، قائلة: «إن غريزة الأمومة تولد مع المرأة وتتمنى تحقيق هذا الحلم بزواجها، فلذلك لا بد أن يتوقف وضع شرط عدم الإنجاب في العقد؛ لأن الحياة والمواقف التي نمر بها لها دور في تغيير قناعاتنا وأفكارنا».

أوضحت «أبو خديجة» أن حرمان المرأة من هذا الحق سيولد لديها صراعات داخلية وستشعر بالدونية والفشل والخجل والخوف الاجتماعي بسبب نظرة المجتمع لها بعد فترة من الزمن وفقدان الثقة بالذات في هويتها كأنثى وربما تدخل المرأة في طور الاكتئاب والقلق.

» رأي الدين

وذكر الشيخ صالح العواد: أنه لا يجوز اشتراط الرجل على زوجته في عقد النكاح عدم الإنجاب لأنه لا يجوز شرعا حرمان المرأة من شيء طبيعي يجب أن تمارسه في حياتها الزوجية وهي الأمومة، وأما بخصوص اتفاق الزوجين على عدم الإنجاب لمدة معينة أو بشكل دائم، فإذا كان هناك اتفاق على أن يكون هذا الشرط مؤقتا فلا مانع في ذلك، بينما إذا كان بصورة دائمة فلا يجوز شرعا لقوله تعالى: «الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا».