سالم علي

يقول أبوطيب المتنبي:

كَلامُ أكثرِ مَنْ تَلقَى ومَنظَرُهُ

ممّا يَشقّ على الآذانِ والحَدَقِ

‫كان المتنبي يكره بعض الناس ويرى في مجالستهم مضيعة للوقت وفي رؤيتهم ألما للعينين وفي سماعهم تلويثا للأذنين، ودلالة على ذلك له بيت في قصيدة أخرى يبرهن ذلك ويقول: ‬

ومَنْ عَرَفَ الأيّامَ مَعرِفتي بها

وبالنّاسِ رَوّى رُمحَهُ غيرَ راحمِ

‫وفي الجانب الآخر تغنى الفلاسفة بالعزلة والابتعاد عن المجتمع والانعزال بالذات بموجب مراجعة النفس والتفكر والتفكير، وكما جاء بها ابن طفيل في رواية حي بن يقظان. ‬

‫شخصيا،أصبحتُ أُحب العُزلة تيمنا بحي بن يقظان، ففي العزلة كما قال ترجيح للعقل وانتصاره على نمط الحياة المؤدلج،‬ وكان سؤاله لنفسه: «إلى أي مدى يمكن أن تؤثر الاكتشافات الجديدة في علاقتنا بأنفسنا ووعينا بذاتنا؟»

فهذا السؤال الذي يجب أن ننعزل بأنفسنا به ونرى ماذا حققنا لذاتنا بعيدا عن المجتمع، ما هي نقاط قوتنا وما هي نقاط ضعفنا وماهي مميزاتنا وكيف يمكن أن نخدم فردانيتنا؟. دائما الجماعة تحارب الفردانية بل هم أعداء بعض ولدي هذه النظرية في هذا الأمر: حيث إن الفردانية تنضب بتواجد الجماعة والعكس الصحيح.

لا أقول إن المجتمع سبب تعاسة الفرد ولكن أقول كثرة الاجتماع بالمجتمع ونسيان الفردية تخلق البلادة وعدم إعطاء النفس حقها الكامل بل واحتمال ظُلمِها لتحقيق مصالح الآخرين، وهذا إشكال كبير جدا، فذلك يجلب الندم وفقدان الثقة بالنفس مع الوقت وقد يخلق جلد الذات وهلم جرا.

بالختام، يقول د. خالد المنيف في كتاب المرحلة الملكية:

‏«اختلِ بنفسك بين حين وآخر، وأعطِها قدرها من الاستمتاع، اجعل لك وقتًا لا تعمل فيه شيئًا، أو سمِّها إنْ شئتَ «ساعة اللاشيء»!» تكوين شخصية قوية يكون بإعطاء النفس حقها الكامل وعدم ظلمها بشيء كان ما كان، فإذا تمت هذه المهمة الصعبة تم ما بعدها بكل يسر.