فهد سعدون الخالدي

تشهد المملكة في مجال التعليم تطورا نوعيا ملموسا يواكب النهضة الشاملة التي تشهدها بلادنا في كل المجالات، بل إن السعي المستمر لتطوير المؤسسات التعليمية بمراحلها المختلفة يبشر بأن التعليم سوف يأخذ دوره المنشود كما هو الأمر في البلاد التي سبقتنا في قيادة التغيير نحو الأفضل وصولا إلى المستقبل المشرق الذي يتمناه كل مواطن غيور لبلاده، ولعل كل من يتابع الحراك التربوي لوزارة التعليم على مدى العقدين الماضيين يلاحظ بوضوح أن المملكة تنفذ مشروعا شاملا للتطوير التربوي يشمل مدخلات النظام التربوي كافة، بدءا من البناء المدرسي والبنى التحتية امتدادا إلى المرافق التربوية والتجهيزات والمصادر وتطوير المناهج والكتب المدرسية وعمليات التقويم والاختبارات، إضافة إلى إعداد المعلمين وتدريبهم أثناء الخدمة وقبل التحاقهم بالعمل معلمين في مدارس الوزارة على النحو الذي يؤدي إلى تحسين مخرجات التعليم ونتاجاته بما يتلاءم مع الأهداف الطموحة للدولة والمجتمع في هذا المجال. ولا شك أن ذلك يقتضي أن يتم مراقبة هذه المخرجات والوقوف بين فترة وأخرى على مستواها ونوعيتها والعلاقات بينها وبين المدخلات والعمليات، مما يوفر لصاحب القرار المعلومات اللازمة والضرورية لتحديد الخطوات التالية التي لا تحافظ على الاندفاع والحماس نحو التطوير فحسب، بل تزويده بأسباب النجاح من خلال إحداث التغيرات التي توضح عمليات المتابعة والتقويم أهميتها وضرورة القيام بها في الوقت المناسب، خاصة أن الدولة تولي هذا الأمر الأهمية القصوى وتضع في سبيل تحقيقه كافة الإمكانات المادية والبشرية اللازمة دون تردد، ومن أجل أن تكون عملية التقويم علمية وتعطي نتائج تحقق الغاية منها فلابد أن تجيب عن عدد من الأسئلة أهمها.. ما هي النجاحات التي حققتها عمليات التطوير حتى الآن؟ وإلى أي حد حققت هذه النجاحات غايات التطوير وأهدافه؟، وفي نفس الوقت ما جوانب الضعف والإخفاقات التي واجهتها عمليات التطوير؟، وما أسبابها؟، وما الدروس والعبر التي يمكن استخلاصها منها؟، وذلك يقتضي بلا شك إجراء الدراسات والأبحاث التي توفر الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها مما يجب طرحه في هذا المجال، وذلك لابد أن يشمل دراسة وتحليل وتقويم كافة برامج التطوير التي تم تنفيذها حتى الآن، وكذلك آليات التنفيذ التي اتبعت في كل واحدة منها، والتعرف على العوامل التي ستيسر التطوير التربوي، والصعوبات والعقبات التي واجهت برامج التطوير وأعاقت مسيرتها، إضافة إلى أثر هذه البرامج والدروس المستفادة منها. وحيث إن المعلم يظل باعتراف كل الجهات هو المدخل الأكثر تأثيرا في عملية التعليم، فإن وجهة النظر التي يتبناها العديد من المهتمين بالشأن التربوي والمختصين والعاملين في هذا المجال معلمين وقادة على مختلف المستويات وأنا واحد منهم، فإن برامج تدريب التعليم هي في مقدمة ما يجب مراجعته والوقوف على أحواله سعيا للتطوير المستمر ليس لهذه البرامج فحسب، بل للعملية التعليمية بأسرها، ولاشك أن الاطلاع على التجارب الناجحة في هذا المجال لدى الدول الأخرى هو من الضرورات التي يجب الاهتمام بها سعيا للاستفادة منها، خاصة أن الوزارة اتخذت مؤخرا العديد من الإجراءات التي تحفز المعلمين على التطوير والتجديد، سواء بتصنيف المعلمين حسب خبراتهم ومؤهلاتهم واهتمامهم بتطوير أنفسهم، أو من حيث وضع الحوافز المادية والمعنوية وغيرها التي تساعدهم في ذلك.. الأمر كما أسلفت يحتاج إلى العديد من الدراسات ولا يمكن الإحاطة به من خلال مقال أو أكثر، بل يحتاج إلى قوة دفع أثق أنها موجودة لدى أصحاب القرار على كافة المستويات، وأظن أن الفترة المقبلة ستشهد عقد العديد من اللقاءات والمؤتمرات وإجراء الدراسات التي تجعلنا أقرب إلى تحقيق أهدافنا -بإذن الله-.