فهد السلمان



نحن على مشارف بدء العام الدراسي الجديد، وبوسعي وبكثير من الثقة أن أشكك باستعداد الإدارات التعليمية لاستقباله من خلال الملاحظة العابرة فقط، رغم أني أتمنى أن يخيبوا ظني ولو مرة واحدة، لكن لأنني كنت فيما مضى جزءا من التعليم، وأعرف كيف تصاب الإدارات التعليمية بحالة من الخمول الصيفي التي تجعل من فترة الإجازة الصيفية، إجازة للعمل ذاته قبل العاملين، وحينما يبدأ العام الدراسي فعليا يكتشف الجميع أنه كان عليهم أن يستثمروها لصيانة وترميم ما يحتاج إلى ترميم، وللتأكد من جاهزية الكتب، وأجهزة التكييف والتبريد والأثاث المدرسي بدلا من أن يتعثر الفصل الدراسي بسبب مشكلة كان يمكن تفاديها في الإجازة.

سنوات طويلة مرت، ونحن نشاهد ذات السيناريو رغم تصريحات بعض مسؤولي التعليم بأن الاستعدادات تجري على قدم وساق، بينما هي في واقع الأمر لم تتحرك قيد أنملة، أو أنه تم الاستعداد للبدء بالفصل الدراسي منذ اليوم الأول، لنكتشف أنه تم البدء في معرفة النواقص والملاحظات في اليوم الأول مع مسح غبار العام السابق، وكسل الإجازة، لتبدأ بعد ذلك سلسلة الإجراءات التي لا تنتهي.

ومشكلة التعليم مشكلة أزلية، وتراكمية، ويصعب حلها، ولا أقول يستحيل، وذلك لأن حجم تراكم ثقافة النمط داخل الوزارة وفروعها أكبر من قدرة الجهاز على التحرر منها، وتعدد التوجهات التي مرت عليها خلال العقود الأربعة أو الخمسة الماضية، وتداخلاتها دون إستراتيجيات دقيقة، يجعل من فض الاشتباك ما بين الأنماط الإدارية والتعليمية السائدة، وبرامج التحديث أشبه ما يكون بمحاولة السباحة ضد التيار، لهذا أتصور أن الوزارة تحتاج أول ما تحتاج إلى تفكيك أثقالها وتراكماتها، وهي بالمناسبة ليست فكرتي ولا من اختراعاتي، فقد سبق الحديث عن هذا الموضوع أيام المرحوم الدكتور محمد الأحمد الرشيد رحمه الله، ولا أريد أن أذهب أبعد من ذلك، لأني أريد أن أشير أيضا إلى أن مشكلة سوء الاستعدادات ليست حكرا على التعليم العام، فالكثير من الجامعات أيضا تعاني نفس المشكلة، حيث يتمتع أصحاب الصلاحيات بإجازاتهم، ويسند العمل خلال إجازة الصيف في الغالب إلى مسؤولين بالوكالة أو الإنابة، وبلا صلاحيات تخولهم حل ما يعترضهم من المعضلات، هذا إذا افترضنا أنهم بدأوا العمل مبكرا، مما يستدعي منهم الانتظار لحين عودة المسؤولين، حيث يكون الطلاب على أبواب القاعات لبدء موسمهم الجديد بأسمال العام الذي قبله.

هذا هو المشهد الذي ألفناه كثيرا في واحد من أهم القطاعات، فهل سيتكرر المشهد؟، إنه سؤال برسم المراهنة على أمل أن يخيب ظني، وإن كنت أشك في ذلك.