دانة بوبشيت – الدمام

المملكة تسير عكس الاتجاه بمعدلات نمو مرتفعة

توقعت مؤسسات مالية عالمية أن يواجه العالم شبح ركود اقتصادي محتمل في الفترة المقبلة، لا سيما بعد الاضطرابات والشكوك التي تحيط بسوق السندات الأمريكية التي تعد الاستثمار الآمن لكثير من المستثمرين.

يأتي ذلك في الوقت الذي تكشف المؤشرات أن نتائج الميزانية العامة للمملكة للربع الثاني من العام، تعكس نجاح برامج الإصلاح المالي التي باشرتها الدولة منذ انطلاق رؤية 2030، وبدء برامج التحول الوطني، خاصة أن البيان الصادر عن المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي بشأن مشاورات المادة الرابعة للمملكة في اجتماعه توقع أن يرتفع النمو غير النفطي الحقيقي إلى 2.9% في العام الحالي، مع زيادة الإنفاق الحكومي وارتفاع مستوى الثقة في الاقتصاد السعودي.

في البداية، أشار صندوق النقد الدولي في تقرير حديث له إلى أن النمو العالمي لا يزال ضعيفًا، إضافة إلى تباطؤ نمو اقتصادي الصين وألمانيا مع الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى التوترات الجيوسياسية المتصاعدة التي أثرت سلبًا على أسعار الطاقة.

وخفض صندوق النقد الدولي الشهر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي العام الحالي إلى 3.2٪، وهو أضعف معدل توسع منذ عام 2009، بينما خفض توقعاته لعام 2020 إلى 3.5٪.

وحذر الصندوق من اقتراب موجة كساد تضرب الاقتصاد الدولي على غرار ما حدث قبل 11 عامًا في 2008 عندما ضربت الأزمة الاقتصادية العالم.

ويعزز توقعات صندوق النقد الدولي ما توقعه استطلاع لـ«الاتحاد الوطني لاقتصاد الشركات» بتباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي في 2019، وارتفاع احتمالات دخوله دائرة الركود في 2020 إلى 60%، من 35% في استطلاع فصلي سابق.

كما توقع الاحتياطي الفيدرالي في ضوء قياس الفارق بين عائدات السندات الحكومية طويلة وقصيرة الأجل، حدوث ركود بنسبة 33٪ خلال الأشهر الـ12 المقبلة، مرتفعا من 10% في وقت سابق، وهو أعلى مستوى منذ الركود العظيم في 2009.

من جهته، قال بنك مورجان ستانلي - في دراسة له قبل اجتماع الاحتياطي في 30 يوليو-: إن خفض أسعار الفائدة الأمريكية قد يأتي بعد فوات الأوان لإنقاذ اقتصاد يقترب بشكل كبير من الانزلاق إلى الركود.

وتوقع البنك الأمريكي أن يصل احتمال حدوث ركود إلى 20% العام المقبل، وقد يزيد إلى مستويات أعلى في حال ساءت الظروف الاقتصادية العالمية وارتفاع توترات الحرب التجارية.

وقال المحلل الاقتصادي عبدالرحمن الجبيري: إنه من السابق لأوانه قراءة التنبؤات الاقتصادية لأي أزمة مالية متوقعة في ظل عدم ترابط دوال المتغيرات التي تُسهل القياس، إضافة إلى أن السلسلة الزمنية لأي سنة قياس غير متاحة حاليا، مما يعني أن أي تحليل اقتصادي يلقي بظلاله نحو النظرة التشاؤمية التي يغلب عليها طابع التحليل النظري البحت.

وأكد وجود تباطؤ في معدلات النمو العالمي لكن لم تصل بعد إلى مرحلة الركود الاقتصادي أو الفقاعة، والجهود الدولية متواصلة لاحتوائه، موضحًا أن التاريخ الاقتصادي يقول إن أي فقاعة مالية تتشكل سريعًا وتنفجر دون مقدمات، فيما أن مفهوم الركود والأزمة لا يعني الشلل الاقتصادي التام وتعطل كافة عناصر الإنتاج، وهو ما لم يحدث في وقت سابق عندما كانت فيه الأدوات ضعيفة وتحت التجارب الاقتصادية الأولى، فيما لا يتوقع بعد أن أصبحت تلك الأدوات معايير فاعلة في التطوير والتوجيه المثالي لعناصر الإنتاج.

وقلل الجبيري من القلق الراهن استنادًا إلى المؤشرات الاقتصادية للدول الكبرى، وتعاظم ثقة المستهلكين التي يصاحبها طلب استهلاكي مرتفع إضافة إلى النمو المضطرد في الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وأكد المحلل الاقتصادي باسم حشاد أن النظام الرأسمالي الذي يحكم الاقتصاد العالمي قائم على مفهوم الدورات الاقتصادية، مشيرًا إلى أن السبب الأدعى لحدوث كساد مرتقب مصدره الرئيس أزمة الديون التريليونية التي أصابت اقتصادات العالم المتقدم، فيما يتوقع أن يكون مركز زلزال الأزمة القادمة في أوروبا.

وأشار إلى أن الاقتصاد السعودي ما زال بمأمن من الأزمات العالمية، لأكثر من سبب، أبرزها حجم الملاءة المالية ومتانة النظام البنكي الذي يحميه بشكل كبير وعدم الانكشاف على النظام المصرفي العالمي بشكل يعرضه للمخاطر، أو يزيد من حجم الأضرار المتوقعة.

وأوضح أنه بالرغم من انضمام السوق المالي السعودي لمؤشرات الأسواق الناشئة ستانلي مورجان، إلا أن إجراءات هيئة سوق المال الاحترازية ستحد من الأزمة الاقتصادية المرتقبة.

وقال المحلل المالي علي العنزي: إن التخوف ليس من أزمة اقتصادية نتيجة الدورة الهابطة للاقتصاد الأمريكي، ولكن من الركود الذي يصل إلى حد الكساد، وهو حالة اقتصادية طبيعية.

وأوضح أن عمليات التضخم تستفيد منها الأسواق المالية، فيما أن الأسواق الخليجية ستكون بمنأى عن الأزمة، لا سيما أن أسعار النفط وصلت إلى 60 دولارًا.