محمد العصيمي

من أمريكا أحدثكم هذه المرة عن القانون الذي لولاه لتغير كل شيء في هذا البلد الخطير، من الإنسان إلى المرور إلى تسجيل مواقف معادية للتنوع والأجناس والاختلافات. أنت هنا تمشي في مزرعة من اللوحات (signs ) تخبرك بما لك وما عليك. وكل منتج هنا لا بد أن يحمل عبارة تحمي منتجه من ملاحقات المحامين الذين ينبشون حتى في النفايات ليجدوا أدلة تدينك وتنصف موكلهم وتضع في جيوبهم رزمة لا بأس بها من الدولارات.

لا يمكن أن يجلس أمريكيان يتحدثان ولا تأتي سيرة القانون أو ( by law) التي يعبر فيها كل أمريكي عن حقه في أن يحصل على هذا الشيء أو ذاك إلى درجة أنه يخيل لي أحيانا أن القانون في أمريكا تحول إلى عقدة تراكمت من جرائها الأوراق والوثائق والإمضاءات التي يمكن، بقدر أو بآخر، أن تذهب بك إلى المحكمة.

في إحدى العيادات كرهت زيارة الطبيب لكثرة الأوراق التي تعين علي أن أعبئها وأوقعها قبل أن أراه. ولم يكن ذلك لحمايتي أو حرصا علي بقدر ما هو لحمايته من الوقوع في خطأ ما ومن ثم الوقوع في حبائل المحامي المتربص خارج العيادة.

الواضح أيضا أنك كزائر تصيبك عدوى القانون الأمريكية وتتحول إلى شخص يدقق في حقوقه ومسؤولياته من تأجير السيارة إلى غرفة الفندق إلى مكان الترفيه الذي قد تذهب إليه لكي لا تتجاوز أو تخطئ أو تتصرف على سجيتك. الشيء الوحيد الذي لا يخضع للقانون في أمريكا أن ينظر إليك أحدهم شزرا لأنك غريب ومختلف أو يقفز إلى طاولتك المجاورة ويعتدي على خصوصيتك ليسألك: من أين أنت ولماذا أنت هنا.؟!