هناء مكي

لفت انتباهي خبر نُشر قبيل عطلة العيد في إحدى الصحف العربية، يتضمن رسالة تقدم بها أحد رجال الأعمال العرب في إحدى الدول العربية إلى رئيس حكومته يرجوه فيها تقليص عدد أيام عطلة العيد من ستة إلى ثلاثة أيام. فهل يحق له ذلك؟

خلال رحلتي في صحافة عالم الأعمال، كان التجار ورجال الأعمال العرب كثيرا ما يتذمرون من الإجازات التي تحفل بها أجنداتنا الإسلامية والقومية والمحلية، معللين أنها تتسبب لهم بخسائر فادحة، ولكني اكتشفت أنهم يكذبون وأن الأمر مرده لزيادة السيطرة ليس إلا، فهنري فورد صاحب مصانع السيارات كان أول من طبق نظام العمل خمسة أيام في الأسبوع في عام 1926 ونجح في جعل شركته «براند» عالميا.

وبحسب دراسات فإن ازدياد عدد العطلات هو أمر صحي للغاية، إذ أكدت دراسة أمريكية أجراها باحثون في جامعة سيراكيوز، أن هناك علاقة وثيقة بين الحصول على الإجازات من العمل بشكل منتظم، وبين التمتع بصحة قلب جيدة، وأن الأشخاص الذين يحصلون على إجازات من العمل بصفة متكررة خلال الـ12 شهرًا الأخيرة، تتراجع لديهم مخاطر المعاناة من متلازمة التمثيل الغذائي بوضوح، ومتلازمة الأيض أو التمثيل الغذائي، هي عبارة عن مجموعة من العوامل الخطيرة التي تزيد فرص الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، لذا فزيادة تلك العوامل ترفع من مخاطر تضرر القلب، والعكس صحيح.

وإذ تؤكد الدراسة على «عدم قدرة البعض الآخر على التغيب عن العمل ولو ليوم واحد، يزيد من فرص معاناتهم نفسيا وعضويا بمرور الوقت».

فالفائدة الاقتصادية من ذلك أكبر، فكثرة العطل تزيد من صحة العامل كما أسلفنا، وترفع من تقديره لنفسه واكتسابه الرضا ما ينعكس على سلوكه الوظيفي وانضباطه في العمل، ويمنحه تجديدا ونشاطا يحسن من أدائه ويزيد من إنتاجيته. وتتيح له فرصة التسويق والترفيه وممارسة نشاطات تساهم في تنشيط أسواق الدولة وبالتالي المساهمة في تدوير عجلة النمو الاقتصادي.

ووفقا لتحقيق صحفي نشرته الـ «بي بي سي» في مايو الماضي، أجرته مع بعض الشركات التي نجحت في تطبيق خفض أيام العمل، ذكرت أن رابطة الاتحادات التجارية في المملكة المتحدة والاتحاد التجاري في أيرلندا والحزب الوطني الاسكتلندي وحزب العمال البريطاني يدرسون حاليا مدى جدوى تقليص أسبوع العمل إلى أربعة أيام. كما خفضت بعض الأقاليم في السويد ساعات العمل اليومي أو أيام العمل الأسبوعي.

وجاء في التحقيق «يعاني موظف من بين كل خمسة موظفين في بيئات العمل من الضغط النفسي في مرحلة ما من حياته، ولو عالجنا هذه المشكلة سنخفف العبء عن ميزانية مؤسسات الرعاية الصحية الحكومية. وإذا تمكن الآباء من قضاء وقت أطول مع أطفالهم، سيتحسن مستوى الأداء التعليمي والتربوي. وإذا خففنا من اكتظاظ الشوارع بالسيارات في ساعات الذورة، سنساهم في الحفاظ على البيئة».