د. شلاش الضبعان

في منى رجال، وفي عرفة رجال، وفي مزدلفة رجال، وفي الحرم رجال، والعجب أن هؤلاء الرجال يصنعون معادلة صعبة قليل من يتقنها، ضبط النظام وتقديم الرحمة والأخوة الإسلامية في أجمل صورها.

كم نحن فخورين بهؤلاء الرجال، فلو قاموا بواجبهم فقط، لاستحقوا أن نفخر بهم وندعو لهم، فأعداد ضيوف الرحمن الذين يقومون بخدمتهم ويسهرون على راحتهم كبيرة، كما أن الأماكن من الحرم إلى منى إلى عرفات ومزدلفة والجمرات زادها الله شرفا محدودة، ودرجات الحرارة عالية، وتصرفات عدد من الحجاج لا تكون على ما نتمنى.

ومع كل هذا فرجالنا في الحج يقومون بواجبهم وأكثر من واجبهم بكل حرص واحتساب وسعة صدر وابتسامة مشرقة تنبئ عن رقي هذا المجتمع وديانته وحبه للخير وحرصه عليه، فهذا يرش الماء على رؤوس الحجيج تخفيفا عليهم من شدة الحر! وهذا يجري ساعيا للجمع بين طفلة تائهة وذويها! وهذا يرشد ويوجه بحكمة وموعظة حسنة! وهذا يخاطر بحياته من أجل إنقاذ حاج تعرض للخطر!

إن هذه المواقف تقدم أنموذجا حيا للعامل الذي يستشعر رقابة رب البشر قبل البشر، وكلي ثقة أن ما لم نره ولم تصوره عدسات المصورين من مواقف إيمانية رجولية أكثر من أن يعد ويحصى، فوراء كل نجاح أعمال خفية وجنود مجهولون قد لا يعلمهم البشر لكن خالق الأرض والسماوات يعلمهم، وسيجزيهم أجر ما قدموا في دنياهم وآخرتهم أحوج ما يكونون إليه، فجزاء الخالق هو أعظم ما يناله المخلوق!

رجال الأمن! رجال الجوازات! رجال المرور! رجال الدفاع المدني! رجال الدعوة! رجال الحرمين! رجال الكشافة! رجال الطب والتمريض في وزارة الصحة والهلال الأحمر! رجال وزارة الحج ولجانه! أمانة العاصمة المقدسة! إمارة منطقة مكة المكرمة! شبابنا المتطوعون! جزاكم الله أعظم الجزاء بكل جهد بذلتموه، وكل قطرة عرق سقطت منكم، وكل ليلة لم تذق فيها النوم أعينكم، وكل حاج خدمتموه، فأنتم خير سفراء لمجتمعكم ودينكم، جعل المولى ما قدمتموه في موازين حسناتكم، ولا حرمكم الشكر والتقدير الأبقى والأدوم!