د. سمية السليمان

تظن أنك حر؟ لا تتأثر بمن حولك؟ سيد قرارك؟ إذن أعد النظر. في حياتنا اليومية

نجد أنفسنا في مواقف كمتأثرين ومؤثرين، نطوع بعضنا لرغباتنا من خلال الإقناع والتأثير المباشر وغير المباشر والعكس صحيح.

قام أستاذ علم النفس روبيرت تشيالديني (Robert Cialdini) بتحديد ستة مبادئ

يمكن استخدامها للتأثير على الآخرين واستخدمت في مجالات التسويق والبيع والمفاوضات والسياسة وغيرها، نشر كتابه «التأثير: علم نفس الإقناع» عام ١٩٨٤ وما زالت هذه المبادئ تُدَرس وتستخدم اليوم.

اللافت للانتباه هو أن هذه المبادئ والإستراتيجيات السلوكية هي ما نراه

في حياتنا اليومية وقد تكون لها تأثيرات فعالة وهدامة حسب استخدامها لذا وددت أن أستعرضها هنا كمبادئ بالإضافة إلى ما نراه من بعض الأمثلة التطبيقية في ثقافة مجتمعنا من باب إيضاح ديناميكية العلاقات والالتزامات التي نرتبط بها بناء على هذه المبادئ.

١. المعاملة بالمثل (Reciprocation) - عندما يقابلنا أحدهم باللطف نجد أنفسنا

نرغب بمعاملته بالمثل، فكلما زاد الاحتفاء رددنا بمثله إن لم نزد، كذلك هي دعوات الولائم التي تَُرد وتتسع دائرتها عندما يرغب كل من تلا أن يزيد على من دعاه قبل ذلك، بهذا التصرف نوفي بما نظن أننا مدينون به، وهنا تأتي خطورة قبول الهدايا في العمل لأن طلب الواسطة الذي يليه لو بعد حين يلون القرار أو يجعله صعبا على أقل تقدير.. وإن كنت تقول إن هدية أو دعوة عشاء ليس لها تأثير فاستمر في القراءة.

تم إجراء تجربة في المطاعم تتعلق بالإكرامية وكان التساؤل إن كانت هدية

بسيطة مثل حلوى النعناع والتي تقدم مع الفاتورة تؤثر على حجم الإكرامية. والجواب الواضح هو أن لها تأثير، فبإعطاء قطعة حلوى واحدة فقط زادت الإكرامية بنسبة ٣٪؜ أما عندما أعطيت قطعتان فقد ارتفعت بنسبة ١٤٪؜ أما عندما يسبقها حديث شخصي به إطراء فهي ترتفع أكثر بكثير.

٢. الاتساق أو الالتزام (Consistency or commitment) - هنا نرى أن من يحاول التأثير يبدأ بطلب صغير غير ملزم في محاولة تسهيل الأمر فقد نبدأ بالتزام صغير يفتح الباب على التزام أكبر، من أمثلة ذلك القروض التي تبدأ صغيرة وتليها قروض أكبر فأكبر أو حتى تأثير رفاق السوء في مسار التدهور الأخلاقي. عند البيع تستخدم هذه الطريقة من خلال جذب الزبائن بتجربة مجانية لمنتج لنتعلق بالشيء ونشتريه وهي طريقة سهلة لرفع المبيعات.

٣. الدليل الاجتماعي (social proof) - نلخص هذا المبدأ في مقولة «ماذا سوف يقول الناس؟» نظرا لوجود طريقة محددة يفترض أن نعيش بها لنتوافق مع توقعات المجتمع وضغوطه وتحت هذا المبدأ تنحرف القرارات المصيرية عن الشغف فيليه البؤس نتيجة قرار خاطئ تولد عن ضغط مجتمعي.

في السلوكيات اليومية نرى تأثيرها واضحا في السفر عندما نلتزم بآداب وقوانين

لا نمتثل لها في بلدنا وذلك من خلال مراقبة المجتمع والتعرف بسرعة على ما هو متوقع وصحيح. هنا قد يكون التأثير غير مباشر.