كلمة اليوم



بعد النجاح المميز والمشهود لخطط تصعيد الحجاج، نتيجة الجهود الكبيرة التي بذلتها وتبذلها حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله-، وفي أجواء مشبعة بالأمن والطمأنينة والروحانية، يقف ما يزيد على المليونين ونصف المليون من حجاج بيت الله هذا اليوم على صعيد عرفات الله الطاهر، داعين وملبين في ركن الحج الأكبر، تحفهم عناية المولى جل وعلا، وترعاهم أعين وسواعد كوادر أبناء هذا الوطن من مختلف القطاعات على مدار الساعة؛ لتقدم لهم كل ألوان الخدمات المادية والمعنوية واللوجستية، حتى أولئك المسنين الذين يعانون بعض المشاكل الصحية كمضاعفات أمراض القلب، وأمراض الضغط، والقصور في الكلى، لم تشأ حكومة هذا الوطن أن تحرمهم أمراضهم، بإخضاعهم للرعاية الصحية في المستشفيات التي وفرتها لخدمة الحجيج، وهم الذين قطعوا المسافات البعيدة يمنون أنفسهم بإتمام المناسك رغم آلامهم، حيث سخّرت لكل واحد من هؤلاء سيارة إسعاف مجهزة بكل ما يحتاجه المريض مع كادر طبي متخصص بكل ما يلزمه من الأجهزة والأدوية والعقاقير لنقلهم إلى المشاعر مع بقية الحجاج ليتموا حجهم دون أن يعيقهم المرض أو يقطعوا علاجهم فيما اصطلح على تسميته بـ (الحج الطائر) في سياق سلسلة الخدمات النوعية التي توفرها المملكة لضيوف الرحمن.

وهذا المشهد العظيم الذي يضمه عرفات اليوم بكل ما يجسده من الهيبة والقداسة، وما يرويه من ضخامة الحشد، وسلاسة خطواته، وما يصوره من هذا الفيض من الروحانيات التي تنبعث من قلوب خاشعة جاءت من كل حدب وصوب، بانتظام بالغ الإتقان، وانسيابية لا يمكن أن تتوفر لحشد بمثل هذا الحجم في أي مكان. لو قرأنا تفاصيل هذه المشهدية، لوجدنا فعلا أننا أمام عمل جبار سخرت له حكومة المملكة الآلاف من أبنائها وبناتها، ودربتهم، وهيأتهم، ليقرنوا الليل بالنهار سهرا على راحة ضيوف الله، حيث يصبح من الصعب الفرز ما بين ثقافة العمل والحرص على أدائه بما يرضي الله، والشعور بنفس الوقت أنهم يتعبدون الله بهذه الرسالة العظيمة، لذلك تعجز كاميرات النقل التليفزيوني، وكاميرات الهواتف المحمولة عن أن ترصد كل تلك اللمحات الإنسانية باهرة الطهارة والنقاء، والتي يقدمها كافة العاملين في خدمة الحجيج، وتشترك في تحريكها المبادرة وروح المسؤولية التي تعرف كيف تترجم معنى خدمة الحجيج إلى سلوك من الفخر، ليكون المشهد بهذه العظمة، وهذا الكبرياء الذي يليق بالوطن القِبلة.