محمد العصيمي

لم يعد خبر عن إطلاق مجرم النار على مجموعات تحتفل في حديقة بنيويورك يلفت النظر!! ولَم تعد أخبار البراميل المتفجرة التي تحصد المستشفيات والأطفال وأمهاتهم تحرك في العالم شعرة من تضامن أو تعاطف!! ولَم يعد موت الآلاف، جراء شهوات طائفية، باعثا على التنادي الدولي من أجل الانتصار لمن لا حيلة لهم.!!

استمرأ العالم، أوله وثالثه، في سنواته العشرين الأخيرة، جرائم الإرهاب، ويقترب، يا للهول والأسف، من اعتبارها من طبائع الحياة كما هي حال الكوارث الطبيعية. وبينما يزداد جنون وعنف أفراده وأنظمته تتراجع كثيرا شرائعه ومنظماته لحقوق الإنسان. بل إن هذه الشرائع والمنظمات باتت، في أغلبها، تُسيس لتصب مزيدا من الزيت على النار المشتعلة في كل مكان.

يعود العالم، الذي يسمى الآن متحضرا، إلى حظائره وغاباته القديمة بأطماع أكثر وبأسلحة أشد وأنكى. يعود، متعمدا ومتربصا، إلى المغانم التي كان أجداده يحصدون بعضهم من أجلها. ولا يهم في الحاضر، كما في الماضي، من يموت ظلما أو يقهر ويشرد عنوة. المهم والأهم هو تحقيق المصالح السياسية والاقتصادية وتراكم الثروات.!!

لم يتغير العالم، أو لم يتغير البشر، رغم كل الشعارات والوعود ومحسنات الكلام والتصريحات على المنابر الدولية، ورغم كل ما يبدو من مدنية الوسائل ورفاهية الحياة. كل يريد أمتار الآخر لأن أمتاره لا تكفيه، وكل عينه على المرعى الأكثر خضرة وقدرة. الفرق فقط أن الغابة تغيرت من الأشجار إلى ناطحات السحاب. وهذا زاد شره الإنسان وعنفه واستعداده للقتل؛ إما فردا لا يملك ما يملك الآخرون وإما دولة تريد ما يملك الآخرون.