كلمة اليوم

لا يعامل السجين في المملكة كمجرم لا بد أن تطبق بحقه أقسى العقوبات بل يعامل كنزيل يحتاج إلى تأهيل ليعود بعد قضاء مدة محكوميته إلى المجتمع كشخص طبيعي يساهم في بناء وطنه كأي مواطن آخر، وفي أكبر فعالية من نوعها بالمملكة عرضت من خلال برنامج «إدارة الوقت» برئاسة أمن الدولة منتجات وإبداعات من أشغال المسجونين عبروا من خلالها بكل شفافية ووضوح عن طموحاتهم وعزمهم وإصرارهم على المشاركة الفاعلة في رؤية المملكة الطموح 2030، والبرنامج في حد ذاته يعد خطوة هامة وحيوية لتعزيز دور النزلاء في بناء برامجهم الطموحة، ومن خلال أجنحة برنامج إدارة الوقت في دورته الثانية تتبين أهمية معاملة أولئك الأشخاص وغرس مبادئ الفضيلة والطموح في نفوسهم.

وتحت سقف واحد جمع النزلاء مع أفراد أسرهم، تمت إقامة معرض الفنون التشكيلية والمشغولات اليدوية وتم عرض أفلام وثائقية ومسرحيات وأمسيات شعرية وموسيقية كلها من إنتاج أولئك النزلاء في خطوة هامة تمكنوا من خلالها من إبراز أدوارهم بما اكتسبوه من مهارات داخل السجون لتنعكس كلها على مستويات حيوية سوف تعود عليهم بمكاسب كبرى داخل السجون وخارجها، ومن تلك الأنشطة التي يزاولونها إصدارهم لصحيفة يقومون بكتابة موضوعاتها وأبوابها، وتلك بادرة طيبة تغرس في نفوسهم تنمية مهاراتهم الكتابية.

وتعكس هذه الأنشطة المختلفة بما فيها أنشطة النزلاء بالمركز الإعلامي في السجن تطلعات النزلاء المستقبلية في خدمة مجتمعهم بعد خروجهم من السجون، وكما هو الاهتمام بالذكور من النزلاء فإن الاهتمام بالنزيلات أمر وارد حيث تتعلم النزيلات فنون الخياطة ونحوها من الفنون، وثمة صناعات يدوية يمارسها النزلاء توضح بجلاء تفوقهم وإظهار قدراتهم المختلفة، فهم بارعون فيها وبارعون في مزاولة شتى الفنون كالفنون التشكيلية والرسوم الاحترافية والتصاميم الإنشائية وغيرها من الأنشطة التي يزاولونها بكل مهارة.

وهذا يعني أن هذه التجربة الفريدة التي تمارس في سجون المملكة تعطي دليلا واضحا على أهمية تحويل تلك السجون إلى قلاع للإصلاح والتهذيب ورعاية المهارات التي يتقنها النزلاء، وهذه خطوة حيوية وهامة ترسم الأمل في صدور أولئك النزلاء وتمنحهم الحوافز لخدمة مجتمعهم بعد الخروج من السجون، ليتحولوا إلى أعضاء ناشطين ونافعين لوطنهم وقادرين بإذن الله على خدمته والمساهمة الجادة في بنائه كغيرهم من أبناء هذا الوطن المعطاء، فالتجربة في حد ذاتها جديرة بالثناء، وهي تترجم عناية القيادة الرشيدة بأولئك النزلاء والأخذ بأياديهم نحو صناعة مستقبلهم الأفضل.